نام کتاب : تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين نویسنده : لويس شيخو جلد : 1 صفحه : 198
وفتحت إذ ذاك بعض المكاتب الجامعة لمنفعة العموم. وكان أخصها المكتبة الخديوية التي أنشأت في عهد محمد علي إلا أنها لم تنظم ولم تحتفل بالمطبوعات والمخطوطات النادرة إلا بعد ذلك بهمة نظارها الأوربيين كالمرحوم الدكتور فولرس والدكتور مورتس.
ونشأت عقيب الاحتلال الإنكليزي الحياة السياسية بما منحته المطبوعات من الحرية واتسعت دوائر الصحافة خصوصاً فبلغ عدد الجرائد والمجلات العربية في مصر ما يربي على المائة. وكان للسوريين في هذه الحركة نصيب عظيم حتى كان أكثر مديري تلك المنشورات ومنشئيها من أهل سوريا وزاد عددهم في وادي النيل بعد ضغط الدولة العثمانية على المطبوعات حتى أناف على ثلثي الكتبة المصريين فتقدموا على غيرهم بما عرفوا بهم من النشاط والذكاء والتفنن في الكتابة. والحق يقال أن أكبر مجلات القطر المصري في تلك الأوان كالمنار والمقتطف والضياء والهلال وأعظم جرائده كالمقطم والأهرام والعمران كان يحررها السوريون.
ومما اكتسبته مصر من الاحتلال الإنكليزي لنشر آدابها توفر المطابع وتحسن مادياتها فأمكن المصريين لو شاءوا أن يطبعوا الكتب طبعاً متقناً مطبوعات الشام. وقد استعاروا من مسابكها حروفهم. فنشرت إذ ذاك في وادي النيل معاجم جليلة كلسان العرب وتاج العروس ونهاية ابن الأثير. وكتب لسانية خطيرة كسيبويه ومخصص ابن سيده. وكتب تاريخية أخصها ما نشرته المكتبة الخديوية كتاريخ ابن اياس وتاريخ ابن دقماق وتاريخ ابن جيعان وتاريخ الفيوم. ومثلها تاريخ السخاوي وطبقات الأطباء لأبن أبي أصيبعة. وكتب أدبية كخزانة الأدب وحلبة الكميت للنواجي وبعض دواوين وتآليف أخرى. ومع ما أجدت هذه المطبوعات المصرية من المنافع للعلم لا يسعنا السكوت عن نقائض كثير منها كقسم طبعها وكثرة أغلاطها وقلة ضبطها بالشكل وخلوها من المقدمات المفيدة والشروح واللحوظات والروايات والفهارس. وربما عمد أصحابها إلى مطبوعات المستشرقين فنسخوها بحرفها ومسخوها بالتصحيف وجردها عن محاسنها وقد بينا كل ذلك في نظر سابق انتقدنا فيه مطبوعات مصر (في المشرق (11: 430 - 440) فشكونا عليه أو لو الذوق ومحبو الأدب
نام کتاب : تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين نویسنده : لويس شيخو جلد : 1 صفحه : 198