نام کتاب : تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين نویسنده : لويس شيخو جلد : 1 صفحه : 221
سنة 1307 (1889م) .
واشتهر غير الأزهريين رجال يعدهم المصريون كأركان النهضة العلمية في وطنهم في العشرين الأخيرين من القرن السابق نختصر هنا أخبارهم.
عبد الله باشا فكري
هو أحد نوابغ الناشئة المصرية في القرن الأخير ولد في مكة إذ كان أبوه محمد مرافقاً في الحجاز للجنود المصرية سنة 1250 (1834) ثم نشأ في مصر وشاب في حضانة المعارف حتى تضلع في كل علم. وقلدته الحكومة المصرية للمناصب الجليلة كنظارة المدارس ووزارة المعارف. وكان سار معها في رفقة الخديوي إسماعيل باشا إلى استنبول سنة 1861 ثم عهد إليه تهذيب ولي العهد محمد توفيق باشا مع أخويه الحسن والحسين فقام بتلك المهمة أحسن قيام. ولما ولي نظارة المعارف سعى في تنظيم الدروس وصنف للدارسين كتباً يدرسون فيها ومن خدمه الطيبة أنه لم يزل يحض الحكومة حتى أنشأت المكتبة الخديوية التي تعهد من أغنى الخزائن الكتبية بالمخطوطات والمآثر العربية. ولما حدثت الثورة العرابية سنة 1882 ألقي القبض على عبد الله باشا فكري وبقي مدة تحت الاستنطاق إلى أن عرفت برارته وبرئت ساحته وكان الخديوي قد قطع معاشه فكتب إليه من قصيدة:
مليكي ومولاي العزيز وسيدي ... ومن أرتجي آلاءَ معروفهِ العمرا
لئن كان أقوامٌ عليَّ تقوَّلوا ... بأمر فقد جاؤوا بما زوروا نكرا
فما كان لي في الشرْ باعٌ ولا يدٌ ... ولا كنتُ من يبغي مدى عمره الشرا
فعفوا أبا العباس لا زلت قادراً ... على الأمر أن العفو من فادر أحرى
وحسبي ما قد مر من ضنك أشهرُ ... تجرعتُ فيه الصبر أطعمُهُ مراً
يعادل منها الشهرُ في الطول حقبةً ... ويعدل منها اليومُ في طوله شهرا
أيجعل في دين المروءة أنَّني ... أكابد في أيامك البؤس والعسرا
فما لبث أن أعاده الخديوي إلى مقامه السابق فقال يشكره من قصيدة طويلة:
ألا أنَّ شكر الصنع حقُّ لمنعمٍ ... فشكراً لآلاء الخديوي المعظَّمِ
مليكُ له في الجود فضلٌ ومفخرٌ ... على كل منهلٍ من السحب مرهمِ
سأشكرهُ النعماءَ ما عانقت يدي ... يراعي أو استولى على منطقي فمي
فلا زال محروسَ الحمى متمتعاً ... مع الخيرة الأشبال في خير أنعم
نام کتاب : تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين نویسنده : لويس شيخو جلد : 1 صفحه : 221