نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 100
للمسيح طبيعة واحدة وأقنومًا واحدًا؛ ولذلك يسمون أصحاب الطبيعة الواحدة، وصاحب هذا المذهب هو يعقوب البرادعي المولود حوالي سنة 500 للميلاد وقد دخل في مذهبه -كما قدمنا- الغساسنة ومن والاهم من عرب الشام.
ونفذت النصرانية إلى عرب العراق أيضًا إلى تغلب وإياد وبكر، وتغلغلت في الحيرة على الرغم من ملوكها الوثنيين فكان يعتنقها بها العباديون، وأغلب الظن أنهم سموا بذلك تمييزًا لهم من جيرانهم الوثنيين، فهم عباد الله. ولم يكونوا يعاقبة كعرب الشام؛ وإنما كانوا غالبًا نساطرة نسبة إلى نسطوريوس "Nestorius" المتوفى سنة 450 للميلاد وكان يرى أن للمسيح طبيعتين أو أقنومين: أقنوم الناسوت وأقنوم اللاهوت. وقد تأخرت الهيئة الحاكمة من آل المنذر في التنصر، ويقال إن هندًا أم عمرو بن المنذر ابتنت ديرًا هناك، وقد دخل النعمان بن المنذر في النصرانية، وهو آخر المناذرة.
وكان الرقيق الحبشي الذي تزخر به مكة نصرانيًّا، ويظن أنه كان بها جالية من الروم النصارى[1]، ويقال إنه كان بها عبدان نصرانيان أصلهما من عين التمر وإنه كان بها جوار روميات[3]، ويقال إن شماسًا زار مكة في الجاهلية[4]، وكان يعيش في مر الظهران راهب مسيحي[5]. ويزعم اليعقوبي أن قومًا تنصروا من قريش قبيل الإسلام منهم ورقة بن نوفل وعتبة بن أبي لهب وعثمان بن الحويرث الأسدي[6]. والمظنون أنه كان في المدينة بعض النصارى، وإليهم يشير حسان في رثائه للرسول صلوات الله عليه -إن صح أنه له- إذ يقول7:
فرحت نصارى يثرب ويهودها ... لما تَوارى في الضريح الملحَدِ
وكانت النصرانية منتشرة في طيء ودومة الجندل. وهي على هذا النحو كانت تختلف عن اليهودية فإنها لم تذع في القبائل، على أنه ينبغي أن لا نبالغ في تصور من تنصروا من العرب قبل الإسلام، ونظن أنهم قاموا بتعاليم النصرانية قيامًا دقيقًا، [1] Oleary, Arabi Before Muhammad p.184.
2 أسباب النزول للواحدي: ص212. [3] أسد الغابة: 1/ 387، 4/ 232، 5/ 194، 462. [4] ابن هشام: 1/ 349 وأسد الغابة: 3/ 375 [5] السيرة الحلبية: 1/ 75. [6] تاريخ اليعقوبي: 1/ 298.
7 ديوان حسان: "طبعة هرشفلد" ص 59.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 100