نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 101
فقد عرفوا الكنائس والرهبان والأساقفة والصوامع، ولكنهم ظلوا لا يتعمقون في هذا الدين الجديد، وظلوا يخلطونه بغير قليل من وثنيتهم، وربما كان مما يوضح ذلك خير توضيح قول عدي بن زيد العبادي1:
سعى الأعداء لا يألون شرًّا ... عليَّ ورب مكة والصليبِ
فهو يجمع في قسمه بين رب مكة الوثنية ورب الصليب، وكذلك كان أكثر العرب من النصارى، فهم مسيحيون وثنيون في الوقت نفسه. ومن يقرأ شعره لا يجد فيه فكرة التثليث المعروفة في النصرانية.
والحق أن نصارى العرب في الجاهلية إنما عرفوا ظاهرًا من دينهم، وقلما عرفوا حدوده، وقد سقطت إلى أشعارهم وأشعار الوثنيين أنفسهم كلمات ومصطلحات كثيرة منه ومن شخوصه وطقوسه؛ فمنذ امرئ القيس وقوله2:
يضيئ سَناه أو مصابيح راهبٍ ... أهان السَّليط في الذبال المفتَّل
والشعراء يرددون ذكر الرهبان ومحاريب كنائسهم، يقول الأعشى3:
كدمية صور محرابها ... بمذهب ذي مرمر ماثر
وطالما تحدثوا عن نواقيسم وقَرْعها في أواخر الليل، يقول المرقش الأكبر في بعض شعره4:
وتسمع تزقاء من البوم حولنا ... كما ضربت بعد الهدو النواقسُ5
وعرض النابغة الذبياني في مديحه للغساسنة لتدينهم، ولبعض أعيادهم كعيد الشعانين ويسميه السبَّاسب إذ يقول فيهم6:
رقاقُ النِّعال طيب حجُزَاتُهُم ... يحيون بالريحان يوم السَّباسِبِ
1 أغاني "طبعة دار الكتاب": 2/ 111.
2 ديوان امرئ القيس: " طبعة دار المعارف" ص24. والسليط: الزيت.
3 الديوان: "طبعة جابر" القصيدة رقم:18.
4 المفضليات: "طبعة دار المعارف" ص 225.
5 التزقاء: الصياح. والهدو: أوائل الليل.
6 مختار الشعر الجاهلي للسقا ص 162.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 101