نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 185
فهي من وزن السريع وخرجت بعض شطورها على هذا الوزن كالشطر الثاني من هذا البيت:
أنعم صباحًا علقم بن عدي ... أثويت اليوم أم ترحل
فإنه من وزن المديد. ويماثل هذه القصيدة في اختلال الوزن قصيدته1:
قد حان أن تصحو أو تقصر ... وقد أتى لما عهدت عصر
ومن هذا الباب نونية سُلميّ بن ربيعة التي أنشدها أبو تمام في الحماسة2:
إن شواء ونشوة ... وخبب البازل الأمون
فقد لاحظ التبريزي والمرزوقي أنها خارجة عن العروض التي وضعها الخليل واضطراب هذه القصائد في أوزانها مما يدل على صحتها وأن أيدي الرواة لم تعبث بها. ومعروف أن الزحافات تكثر في الشعر الجاهلي؛ بل في الشعر العربي بعامة، ومما كان يشيع بينهم الإقواء، وهو اختلاف حركة الروي في القصيدة كقول امرئ القيس في معلقته يصف جبل أبان:
كأَن أبانًا في أفانين ودقه ... كبير أناس في بجاد مزمل3
فقد ضم اللام في نهاية البيت، وهي مكسورة في المعلقة جميعها. وفي رأينا أن احتفاظ الشعر الجاهلي بهذه العيوب العروضية مما يؤكد صحته في الجملة وأن الرواة لم يصلحوه إصلاحًا واسعًا، كما يزعم بعض المحدثين.
ومهما يكن فليس بين أيدينا أشعار تصور مرحلة غير ناضجة من نظام الوزن والقافية في الجاهلية؛ فإن نفس هؤلاء الشعراء الذين رويت عنهم تلك القصائد المضطربة في وزنها روي عنهم قصائد كثيرة مستقيمة في وزنها وقوافيها؛ مما يدل على أن ذلك كان يأتي شذوذًا وفي الندرة. وزعم بعض القدماء والمحدثين أن الرجز أقدم أوزان الشعر العربي، وأنه تولد من السجع، مرتبطًا بالحداء ووقع أخفاف الإبل
1 الفصول والغايات لأبي العلاء: ص 131.
2 انظر التبريزي على الحماسة 3/ 83 والمرزوقي رقم 408. والخبب: ضرب من السير. البازل: الناقة المسنة. الأمون: الموثقة الخلق.
3 أفانين: ضروب وأنواع. الودق: المطر. البجاد: كساء مخطط. مزمل: متدثر.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 185