responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 190
فهذه الضروب الثلاثة من الشعر لم يعرفها الجاهليون، فشعرهم منظومات قصيرة فلما تجاوزت مائة بيت، وهو شعر ذاتي يمثل صاحبه وأهواءه، على حين الضروب السابقة جميعًا موضوعية؛ فالشاعر فيها لا يتحدث عن مشاعره وأحاسيسه؛ إنما يتحدث عن أشياء خارجة عنه، سواء حين يقص أو حين يعلم أو حين يمثل؛ فهو في كل ذلك يغفل نفسه ولا يقف عندها؛ إنما يقف عند جانب قصصي تاريخي يحكيه أو علمي تهذيبي يرويه أو تمثيلي مسرحي يؤديه، متجردًا عن شخصه وما يتصل بذاته وأهوائه وعواطفه.
ولكن إذا كان الشعر الجاهلي يختلف عن ضروب الشعر الغربية القصصية والتعليمية والتمثيلية؛ فإنه يقترب من الضرب الرابع الغنائي؛ لأنه يجول مثله في مشاعر الشاعر وعواطفه، ويصوره فرِحًا أو حزينًا. وقد وجد من قديم عند اليونان؛ إذ عرفوا المدح والهجاء والغزل ووصف الطبيعة والرثاء، وكان يصحب عندهم بآلة موسيقية يعزف عليها تسمى Lyre ومن ثم سموه Lyric أي غنائي.
وإذن نحن لا نبعد حين نزعم أن الشعر الجاهي جميعه غنائي؛ إذ يماثل الشعر الغنائي الغربي من حيث إنه ذاتي يصور نفسية الفرد وما يختلجه من عواطف وأحاسيس؛ سواء حين يتحمس الشاعر ويفخر أو حين يمدح ويهجو أو حين يتغزل أو يرثي أو حين يعتذر ويعاتب، أو حين يصف أي شيء مما ينبثُّ حوله في جزيرته. وليس هذا فحسب، فهو يماثل الأصول اليونانية للشعر الغنائي الغربي من حيث إنه كان يغني غناء، ويظهر أن الشعراء أنفسهم كانوا يغنون، فهم يروون أن المهلهل غنى في قصيدته:
طفلة ما ابنة المحلَّل بيضا ... ء لعوبٌ لذيذة في العناقِ1
ومعنى ذلك أن الشعر الجاهلي ارتبط بالغناء عند أقدم شعرائه. ومن حين إلى حين نجد أبا الفرج الأصبهاني يشير إلى أن شاعرًا جاهليًّا تغنى ببعض شعره من مثل السُّلَيْك بن السُّلَكة[2] وعلقمة بن عبدة الفحل والأعشى، وكان يوقِّع.

1 انظر الأغاني "طبعة دار الكتب" 5/ 51 وما في البيت زائدة، وطفلة: رخصة ناعمة.
[2] أغاني "طبعة الساسي" 18/ 134.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 190
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست