نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 192
إحداهما، وفرت الأخرى[1]. ومر بنا أن أهل يثرب حين وفد عليهما النابغة أمروا إحدى القيان أن تغني بشعر له فيه إقواء؛ حتى يقف على ما فيه من عيب[2].
ويكثر ذكر هؤلاء القيان في شعر الشعراء كما يكثر ذكر ما كن يضربن عليه من آلات الطرب، كقول علقمة في ميميته3:
قد أشهد الشرب فيهم مزهر رنم ... والقوم تصرعهم صهباء خرطوم
ويقول الأعشى في معلقته:
ومستجيب تخال الصنج يسمعه ... إذا تُرجع فيه القينة الفُضُلُ[4].
ولطرفة في معلقته وصف طويل لإحدى هؤلاء القيان. ولعل في ذلك كله ما يدل على أن الغناء في الجاهلية تأثر بعناصر أجنبية كثيرة.
وكان نساؤهم يؤلفن ما يشبه الجوقات ويتغنين في حفلاتهم لاعبات على المزاهر[5]، وفي الطبري أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع ذات يوم عزفًا بالدفوف والمزامير، فسأل عنه، فعرف أنه عُرْس[6]، وأكبر الظن أنهن كن يقرن هذا العزف بأناشيد كأناشيد الزفاف المعروفة عند اليونان والرومان. وكن يؤلفن في الحروب جوقة كبيرة تحمس وتثير؛ ففي الطبري والأغاني أن هندًا بنت عتبة ونسوة من قريش كن يضربن على الدفوف في غزوة أحد وكانت هند تغني في تضاعيف هذا العزف. بمقطوعات على شاكلة قولها7:
إن تقبلوا نعانق ... ونفرش النمارق8
أو تدبروا نفارق ... فراق غير وامق9 [1] السيرة النبوية لابن هشام "طبعة الحلبي" 4/ 53. [2] أغاني "طبعة دار الكتب" 11/ 10.
3 المفضليات ص402 والشرب: جمع شارب، رنم: مترنم، والصهباء: الخمر، والخرطوم أول ما ينزل منها صافيًا. [4] المستجيب: العود، واستماع الصنج له كناية عن اتساق أنغامها. الفضل: اللابسة ثوبًا واحدًا. [5] العمدة: 1/ 37. [6] الطبري "طبعة أوروبا": 1/ 1126.
7 أغاني "طبعة الساسي": 14/ 16 وتاريخ الطبري: 1/ 1400.
8 النمارق: جمع نمرقة وهي الطنفسة والوسادة الصغيرة.
9 وامق: محب.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 192