responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 197
الشعر والكهانة والسحر، وكانوا يزعمون أن الشياطين تنزل على الشعراء كما تنزل على الكهان، وزعموا أن الأعشى كان له شيطان ينفث في وعيه الشعر يسمى مسحلًا وأن شاعرًا كان يهاجيه يسمى عمرو بن قطن، كانت له تابعة من الجن اسمها جُهُنَّام[1].
وظل بعض الشعراء في الإسلام يزعم أن له تابعًا من الجن، ويؤكد الأسطورة أبو النجم؛ فيزعم أن لكل شاعر شيطانًا إما أنثى وإما ذكرًا، يقول2:
إني وكل شاعر من البشر ... شيطانه أنثى وشيطاني ذكر
وفي أخبارهم أن الشاعر كان إذا أراد الهجاء لبس حلة خاصة، ولعلها كحلل الكهان، وحلق رأسه وترك له ذؤابتين ودهن أحد شقي رأسه وانتعل نعلًا واحدة[3] ونحن نعرف أن حلق الرأس كان من سننهم في الحج، وكأن شاعر الهجاء كان يتخذ نفس الشعائر التي يصنعها في حجه وأثناء دعائه لربه أو لأربابه، حتى تصيب لعناتُ هجائه خصومه بكل ما يمكن من ألوان الأذى وضروب النحس المستمر.
فالهجاء في الجاهلية كان لا يزال يُقْرَن بما كانت تقرن به لعناتهم الدينية الأولى من شعائر، ولعلهم من أجل ذلك كانوا يتطيرون منه ويتشاءمون ويحاولون التخلص من أذاه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا. ونحن نعرف أن الغزو والنهب كان دائرًا بينهم؛ غير أن المغيرين إن أغاروا ونهبوا إبلًا بينها إبل لشاعر، وتعرض لهم يتوعدهم بالهجاء اضطروا اضطرارًا إلى ردها أو على الأقل يردون ماله هو وإبله. يروي الرواة أن الحارث بن ورقاء الأسدي أغار على عشيرة زهير، واستاق فيما استاق إبلًا له وغلامًا، فنظم زهير أبياتًا يتوعده بالهجاء المقذع، يقول فيها4:
ليأتينك مني منطق قذع ... باق كما دنس القبطية الودك

[1] انظر المؤتلف والمختلف: ص 203. ومادة جهم في لسان العرب، والحيوان: 6/ 226. والقصيدتين رقم 15، 33 في ديوان الأعشى.
2 الحيوان: 6/ 229.
[3] أمالي المرتضي: "طبعة عيسى الحلي" 1/ 191.
4 مختار الشعر الجاهلي للسقا ص 255 وديوان زهير "طبعة دار الكتب المصرية" ص 183. القذع: القبيح. القبطية: كل ثوب أبيض. الودك: الدسم.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 197
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست