responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 207
العبادي؛ فقد تحولا بها من هذا الباب إلى وصفها في ذاتها وصفًا طريفًا.
ومن الموضوعات التي تتصل اتصالًا واضحًا بالحماسة الرثاء؛ فقد كانوا يرثون أبطالهم في قصائد حماسية يريدون بها أن يثيروا قبائلهم لتأخذ بثأرهم[1]، فكانوا يمجدون خلالهم ويصفون مناقبهم التي فقدتها القبيلة فيهم؛ حتى تنفر إلى حرب من قتلوهم. وكان يشرك الرجال في ذلك النساء؛ فقد كن ما يزلن يَنُحْنَ على القتيل حتى تثأر القبيلة له. ويظهر أنه كان يشيع عندهم ضرب من "التعديد" الذي نعرفه في مصر، فما تزال امرأة تنوح ويرد عليها صواحبها، وقد حدثنا الرواة أن الخنساء كانت تخرج إلى عكاظ فتندب أخويها صخرًا ومعاوية، وكانت هذه بنت عتبة أم معاوية تحكيها نائحة أباها[2]. وفي هذا الخبر ما يدل على أن النساء لم يكن يندبن موتاهن يومًا أو أيامًا؛ بل كن يطلن ذلك إلى سنين معدودات، ويقال: إنهن كن يحلقن شعورهن ويلطمن خدودهن بأيديهن وبالنعال والجلود، وكن يصنعن ذلك على القبر وفي مجالس القبيلة والمواسم العظام. ولعل في حلق رءوسهن ما يجمع بينهن وبين الهجائين كما قدمنا وما يشهد بأن هذا الرثاء إنما هو تطور عن تعويذات كانت تقال للميت وعلى قبره حتى يطمئن في لحده. وبمر الزمن تطور الرثاء عندهم إلى تصوير حزنهم العميق إزاء ما أصابهم به الزمن في فقيدهم؛ فتلك التعويذات أصبحت وخاصة عند نسائهم بكاء ونواحًا وندبًا حارًّا. ونجد بجانب هذا الندب ضربًا من الرثاء يقوم على تأبين الميت والإشادة بخصاله وصفاته، وما نشك في أن الصورة القديمة لهذا التأبين هي تلك النقوش التي عثروا عليها في أنحاء مختلفة من الجزيرة، وقد تحدثنا عنها فيما أسلفنا، وكانوا يكتبون فيها أسماءهم وألقابهم وبعض أعمالهم تمجيدًا لذكراهم وتخليدًا لها، وتحولت هذه الصورة الساذجة إلى هذا التأبين الواسع الذي نجده عند الجاهليين. وقد ذهبوا يضمون إليه صورة من العزاء والدعوة إلى الصبر على الشدائد؛ فالموت كأس دائرة على الجميع، ولا مردّ لحكم القضاء.
وقام بالقسط الأكبر من ندب الميت وبكائه النساء؛ فكن يشققن جيبوبهن عليه ويلطمن وجوههن ويقرعن صدورهن ويعقدن عليه مأتمًا من العويل والبكاء، ومن خير ما يصور ذلك كتاب "مراثي شواعر العرب" للويس شيخو، وسابقتهن

[1] المفضليات: رقم 109.
[2] الأغاني "طبعة دار الكتب" 4/ 210.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 207
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست