responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 211
مُتْرَعُ الجَفْنَةِ رِبْعِيُّ النَّدَى ... حَسَنٌ مجلسُه غيرُ لُطَمْ
ولا نصل إلى أواخر العصر الجاهلي حتى يتخذ الشعراء المديح وسيلة إلى الكسب؛ فهم يقدمون به على السادة المبرزين وملوك المناذرة والغساسنة يمدحونهم وينالون جوائزهم وعطاياهم الجزيلة. وأخذوا في أثناء ذلك يعنون بهذه القصائد عناية بالغة حتى تحقق لهم ما يريدون من التأثير في ممدوحيهم. واشتهر بذلك زهير والنابغة وحسان بن ثابت، أما زهير فاختص بأشراف قومه، وأما حسان فاختص بالغساسنة، ولعلقمة بن عبدة فيهم مفضلية بديعة نظمها في الحارث الأصغر يتشفع لأخيه وقد وقع في يديه أسيرًا[1]. أما النابغة فخص النعمان بن المنذر بمدائحه، وتصادف أن وقع بعض قومه أسرى في أيدي الغساسنة؛ فأقبل عليهم يمدحهم ويتشفع فيهم؛ مما كان سببًا في غضب النعمان بن المنذر عليه، وسرعان ما أخذ يقدم له اعتذارات هي من أروع ما دبجه الجاهليون.
ومعنى ذلك أن الاعتذار نشأ نشوءًا من المديح وفي ظلاله، وإن كانت تتداخل فيه عاطفة الخوف مع عاطفة الشكر والرجاء. ومما ينحو نحو الاعتذار ما ظهر عندهم من فنون عتاب كان ينشئه بعض الشعراء ملامة لما قد يصيبه من أذى الأقارب على نحو ما نجد عند ذي الإصبع العُدواني[2] والمتلمس[3].
ولكن عتابهم واعتذارهم قليل، أما المديح فكثير كثرة مفرطة؛ إذ رحل به الشعراء إلى الملوك والأشراف يمتارون به، ويرجعون إلى أهليهم بُجْر الحقائب. ويظهر أن المناذرة خاصة كانوا يتخذونه وسيلة للدعاية لهم في القبائل، فكثر الشعراء حولهم وأخذ يموج بهم بلاطهم منذ عمرو بن هند، فقد قصده كثيرون من أمثال المثقب العبدي الذي لجأ إليه يمدحه بعد إيقاعه بقبيلته، وممن رحل إليه المتلمس والممزق العبدي وطرفة والمسيب بن علس. وكان النعمان بن المنذر ممدحًا للشعراء ومن بديع ما نظم فيه قول حجر بن خالد4:
سمعت بفعل الفاعلين فلم أجد ... كفعل أبي قابوس حزمًا ونائلا

[1] المفضليات: ص 390 وما بعدها.
[2] انظر قصيدته في المفضليات برقمي: 29، 31.
[3] الأصمعيات: رقم 92.
4 الحيوان: 3/ 58.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 211
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست