responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 219
4- الخصائص المعنوية
لعل أول ما يلاحظ على معاني الشاعر الجاهلي أنها معان واضحة بسيطة ليس فيها تكلف ولا بعد ولا إغراق في الخيال؛ سواء حين يتحدث عن أحاسيسه أو حين يصور ما حوله في الطبيعة؛ فهو لا يعرف الغلو ولا المغالاة، ولا المبالغة التي قد تخرج به عن الحدود المعقولة.
ومرجع ذلك في رأينا إلى أنه لم يكن يفرض إرادته الفنية على الأحاسيس والأشياء؛ بل كان يحاول نقلها إلى لوحاته نقلًا أمينًا، يُبقي فيه على صورها الحقيقية دون أن يدخل عليها تعديلًا من شأنه أن يمس جواهرها. ومن أجل ذلك كان شعره وثيقة دقيقة لمن يريد أن يعرف حياته وبيئته برملها ووديانها ومنعرجاتها ومراعيها وسباعها وحيوانها وزواحفها وطيرها. وعرف القدماء ذلك فكلما تحدثوا عن عادات الجاهلين وألوان حياتهم استشهدوا بأشعارهم. وحينما كتب الجاحظ كتاب الحيوان وجد في هذه الأشعار مادة لا تكاد تنفد في وصفه ووصف طباعه وكل ما يتصل به من سمات ومشخصات. ومعنى ذلك أن الشاعر الجاهلي لم يغتصب الحيون لنفسه، فيسكب عليه من خياله ما يحيله عن حقيقته، ونستطيع أن نلاحظ ذلك في وصفه

ويقول عدي بن رعلاء الغساني1:
ليس من ماتَ فاستراح بِمَيْتٍ ... إنما الميْتُ ميِّتُ الأحْيَاءِ
وتلك هي الموضوعات الأساسية التي تنظم في سلك القصيدة الجاهلية؛ فالشاعر يبدؤها بالتشبيب أو النسيب بالأطلال والديار، ويصف في أثناء ذلك حبه، ثم يصف رحلته في الصحراء، وهي أول ما يقدمه للمرأة من ضروب جرأته، وحينئذ يصف ناقته أو فرسه، وقد يؤخرهما إلى نهاية القصيدة، ويقدم عليهما غرضه من الحماسة أو الهجاء أو الرثاء أو المديح، مفتنًا في أثناء ذلك في وصف ما يقع تحت عينه، وناثرًا حكمه وتجاربه.

1 الأصمعيات ص 171.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 219
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست