نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 274
آبائه يتعبَّد العُزَّى وغيرها من آلهتهم الوثنية، ويختلف معهم إلى الحج بمكة، وفي معلقته:
فلا لعمرُ الذي مسَّحْتُ كَعْبتَه ... وما هُرِيقَ على الأَنْصاب من جَسدِ
فهو يقدس الدماء التي كانت تصب على الأنصاب.
وكان فيه حكمة، وهي مبثوثة في شعره، ويقول ابن حبيب: إنه ممن حرم الخمر والأزلام في الجاهلية[1]. وهو بذلك كله يبدو سيدًا وقورًا. ويظهر أنه نال شهرة واسعة في عصره لا عند أمراء الحيرة والغساسنة فحسب؛ بل أيضًا في داخل الجزيرة وبين الشعراء؛ إذ كانوا يعرضون عليه في المواسم والأسواق أشعارهم قال صاحب الأغاني: "كان يضرب للنابغة قبة من أدم بسوق عكاظ، فتأتيه الشعراء، فتعرض عليه أشعارها. وحدث ذات مرة أن أنشده الأعشى أبو بصير، ثم حسان بن ثابت ثم أنشدته الشعراء، ثم أنشدته الخنساء بنت عمرو بن الشَّريد:
وإن صخرًا لتأْتمُّ الهداةُ بهِ ... كأَنه عَلمٌ في رأْسه نارُ2
فقال: والله لولا أن أبا بصير أنشدني آنفًا لقلت إنك أشعر الجن والإنس؛ فقام حسان فقال: والله لأنا أشعر منك ومن أبيك، فقال له النابغة: يا بن أخي أنت لا تحسن أن تقول:
فإنك كالليل الذي هو مُدْركي ... وإن خِلْتُ أَن المنتأَى عنك واسعُ
خطاطيفُ حُجْنٌ في حِبالٍ متينةٍ ... تَمُدُّ بها أَيدٍ إليك نوازِعُ[3].
فخَنس حسان لقوله4". وفي رواية أخرى أنه لما غضب حسان وقال له أنا أشعر منك ومن أبيك قال له حيث تقول ماذا؟ قال: حيث أقول:
لنا الجَفنَان الغُرُّ يَلْمَعْن بالضُّحى ... وأسيافُنا يَقْطُرْنَ من نجدةٍ دما. [1] المحبر لابن حبيب "طبع حيدر آباد" ص 238.
2 العلم هنا: الجبل. [3] خطاطيف: جمع خطاف وهو حديدة حجناء تستخرج بها الدلاء من البئر، حجن: جمع حجناء وهي المعوجة نوازع: حواذب ويقصد قصائده التي يستعطفه بها.
4 أغاني:11/ 6.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 274