responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 273
هُمُ يَرِدونَ المَوتَ عِندَ لِقائِهِ ... إِذا كانَ وِردُ المَوتِ لا بُدَّ أَكرَما
وكأنه يحرض قومه أن يعودوا إلى السلم مع عبس مستنصرين بها ضد أعدائهم؛ ففيها شجاعة وجرأة وإقدام وغناء في الحروب. وليس في شعره أي إشارة لوعيد أو تهديد لعبس، وكأنه كان يبقي على القربى والرحم بينه وبينها؛ فهو لا يتوعدها غارة ولا يندد بالوقائع التي انتصرت فيها قبيلته. ولكن إذا كان قد ترك عبسًا فقد تعرض لعامر حليفتها يهددها ويهدد سادتها وأبطالها من مثل زرعة بن عمرو وعامر بن الطفيل بغارات شعواء لقومهما تسبى فيها الأطفال والنساء. وحاول زرعة وبعض بني عامر أن يدفعوا ذبيان لنقض ما بينها وبين أسد من حلف وعقد حتى تحقن الدماء، وعلم النابغة بذلك وأن عيينة بن حصن وبعض الذبيانيين يفكرون في الأمر؛ فتولى غضبًا ينشد القصائد مسفهًا بني عامر وعيينة وداعيًا قومه إلى الوفاء بما بينهم وبين أسد من العهود والعقود، وفي ذلك يقول قصيدته:
قالَت بَنو عامِرٍ خالوا بَني أَسَدٍ ... يا بُؤسَ لِلجَهلِ ضَرّارًا لِأَقوامِ1
يَأبى البَلاءُ فَلا نَبغي بِهِم بَدَلًا ... وَلا نُريدُ خِلاءً بَعدَ إِحكامِ2
وتوجه إلى عيينة يعنفه تعنيفًا شديدًا في قصيدة أخرى، يقول في تضاعيفها:
إذا حاولتَ في أَسدٍ فجورًا ... فإني لستُ منك ولستَ مني
وهو موقف يدل على نبله وحرصه على الوفاء، ويدخل في ذلك مدحه لبني أسد وإشادته بشجاعتهم وبلائهم في الحروب.
وجميع أخباره وأشعاره الصحيحة تدل على أنه كان سيدًا شريفًا من سادات قومه؛ فهو لا يتفتَّى تفتي امرئ القيس وطرفة وأضرابهما؛ بل يتراءى سيدًا وقورًا ذا خلق وشيم كريمة، فهو لا يتدنى في سفاهة ولا يتبذل في مجون. وفي أشعاره بعض إشارات مسيحية، وقد جاءه ذلك من إقامته الطويلة في الحيرة ولدى الغساسنة وكأنه استمع إلى بعض ما يقوله الأحبار والرهبان. ولكن لا شك في أنه كان على دين.

1 خالوا: من المخالاة وهي نقض العهد.
2 البلاء: يقصد بلاءهم معهم في الحرب.
3 الخلاء: نقض العهد كالمخالاة.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 273
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست