responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 294
إِلّا الأَوارِيَّ لَأيًا ما أُبَيِّنُها ... وَالنُؤيَ كَالحَوضِ بِالمَظلومَةِ الجَلَدِ1
رَدَّت عَلَيهِ أَقاصيهِ وَلَبَّدَهُ ... ضَربُ الوَليدَةِ بِالمِسحاةِ في الثَأَدِ2
خَلَّت سَبيلَ أَتِيٍّ كانَ يَحبِسُهُ ... وَرَفَّعَتهُ إِلى السَجفَينِ فَالنَضَدِ3
أَمسَت خَلاءً وَأَمسى أَهلُها اِحتَمَلوا ... أَخنى عَلَيها الَّذي أَخنى عَلى لُبَدِ4
وهو يستهلها بنداء دار مية ولا يسمع رجعًا لندائه ولا ردًّا عليه؛ فقد خلت من سكانها وبارحوها منذ أمد طويل. ويقول إنه وقف بها وقت الأصيل يسائلها ولا من مجيب، ويصف آثارها وما أبقى الزمن منها، ويقول لم يبق منه إلا الأوتاد وإلا النؤى. ويطيل في وصفه ليظهر قدرته الخيالية؛ فقد حفرته جارية في أرض المطر. وقد أبدع في تسمية الأرض التي لم تحفر بالمظلومة، وهو أول من أعطاها هذا الاسم، كأنه أحس إزاء الصخر الذي لا يُحْرَثُ ولا يزرع بضرب من الظلم. وقد ختم نسيبه بإظهار هذه الدار التي رحل عنها أهلها بمظهر بال، فقد جرَّت الأيام عليها أذيال البلى والعفاء، كما جرَّتها من قبل على لُبد نَسْر لقمان المشهور بطول عمره وطول سلامته.
وواضح أن هذا النسيب فيه قدرة بارعة على الوصف، ولكن ليس فيه عاطفة قوية، وربما رجع ذلك إلى وقار النابغة؛ فهو ينسب بالمرأة لا ليصور حبًّا، وإنما ليتمسك بهذا التقليد الثابت عند الجاهليين من افتتاح قصائدهم بوصف آثار الديار وما صنعت بها الأحداث. وقد أوشك في مقدمته لاعتذاريته العينية أن يصور عواطفه وحبه ولكنه لم يكد يقول:
فكفكفتُ مني عبرةً فَرَدَدْتُها ... على النَّحر منها مُستَهِلٌّ ودامعُ5

1 الأواري: الأوتاد وما يربط بها من حبال. النؤى: حفرة حول الخيام تمنع عنها السيول. المظلومة: الأرض صعبة الحفر. الجلد: الصلبة.
2 لبده: جمعه. الوليدة: الأمة. الثأد: الثرى الندى.
3 خلت: شقت. الأتي: السيل. رفعته: أعلته. السجفان: مصراعا الستر في الخيمة. النضد: المتاع.
4 أخنى عليها: أصابها بآفات الدهر. لبد: نسر للقمان يقولون إنه عمر طويلًا.
5 كفكف الدمع: مسحه المستهل: السائل. الدامع: الذي يترقرق في العين قبل أن يسقط.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 294
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست