نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 353
قَد نَخضِبُ العيرَ في مَكنونِ فائِلِهِ ... وَقَد يَشيطُ عَلى أَرماحِنا البَطَلُ1
نَحنُ الفَوارِسُ يَومَ العين ضاحِيَةً ... جَنبَى فُطَيمَةَ لا ميلٌ وَلا عُزُلُ2
قالوا الرُكوبَ فَقُلنا تِلكَ عادَتُنا ... أَو تَنزِلونَ فَإِنّا مَعشَرٌ نُزُلُ3
وقد ذهب بعض القدماء إلى أن البيت الأخير أشجع بيت لما صور فيه الأعشى قومه بأنهم يحسنون الطعان فرسانًا كما يحسنون الضراب راجلين منوهًا بأن تلك سجية لهم درج عليها شيوخهم وشبابهم.
ونراه يكثر من وصف الصحراء وناقته، وهذا طبيعي لكثرة رحلاته وأسفاره، وهو في الموضوع يجري على عادة الجاهليين؛ فيصور الأودية وما يجري فيها من ظلام أو سموم أو مياه أمطار كما يصور طرقها الوعثة ورمالها ومناهلها ووحشتها وعزيف الجن ليلًا بها، يقول في معلقته:
وَبَلدَةً مِثلِ ظَهرِ التُرسِ موحِشَةٍ ... لِلجِنِّ بِاللَيلِ في حافاتِها زَجَلُ4
لا يَتَنَمّى لَها بِالقَيظِ يَركَبُها ... إِلّا الَّذينَ لَهُم فيما أَتَوا مَهَلُ5
جاوَزتُها بِطَليحٍ جَسرَةٍ سُرُحٍ ... في مِرفَقَيها إِذا اِستَعرَضتَها فَتَلُ6
وواضح أنه في هذه الأبيات يفخر بتحمله لمشقات السفر في مثل هذه الأرض الوعرة الصلبة الموحشة التي لا يسمع فيها صوت سوى صوت الجن والتي لا يركبها في حمارة القيظ واشتعال الرمال إلا من تعود الصبر واحتمال المكاره، ويقول إنه يقطع مثل هذه الأرض بناقة نضو أسفار ضامرة موثقة الخلق صلبة قوية وهو.
1 العير: حمار الوحش استعارة للفارس لأن العير يتقدم الأتن: الفائل: القناة الدموية كالشريان. يشيط: يهلك.
2 يوم العين: يوم كان بين قيس بن ثعلبة وشيبان بجنب موضع في البحرين يسمى فطيمة. ميل: جمع أميل وهو الجبان.
عزل: جمع أعزل: من لا سلاح له.
3 يريد بالنزول التضارب بالسيوف.
4 البلدة: القطعة من الأرض. وشبهها بالترس لبيان أنها غليظة وصعبة على من ينفذ فيها. موحشة: كثيرة الوحش. زجل: صوت حافاتها: نواحيها.
5 يتمني: يرتفع. القيظ: شدة الصيف مهل: أناة وصبر.
6 طليح: مهزولة لكثرة أسفارها. جسرة: ضخمة. سرح: سريعة. قتل: قوة وصلابة.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 353