responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 387
الغائب له، علمًا منهم بأنه لا بد راجع إليهم، ومصيب منهم. ويقول: إن مثل هذا الصعلوك المغامر الجريء، إن يمت تظل ذكراه خالدة لمحامده ومناقبه. ويمضي فيحدثنا عن غزواته وغاياتها؛ يقول:
أَيَهلِكُ مُعتَمٌّ وَزَيدٌ وَلَم أَقُم ... عَلى نُدَبٍ يَومًا وَلي نَفسُ مُخطِرِ1
سَتُفزِعُ بَعدَ اليَأسِ مَن لا يَخافُنا ... كَواسِعُ في أُخرى السَوامَ المُنَفَّرِ2
نُطاعِنُ عَنها أَوَّلَ القَومِ بِالقَنا ... وَبيضٍ خِفافٍ ذاتِ لَونٍ مُشَهَّرِ3
وَيَومًا عَلى غَاراتِ نَجدٍ وأَهلِه ... وَيَومًا بِأَرضٍ ذاتِ شَثٍّ وَعَرعَرِ4
يُريحُ عَلَيَّ اللَيلُ أَضيافَ ماجِدٍ ... كَريمٍ وَمالي سارِحًا مالُ مُقتَرِ5
وهو في أول هذه الأبيات يستنكر أن تهلك عشيرتي معتم وزيد، وهو قاعد في الحي، لا يخاطر بنفسه من أجلها فذلك عار ما بعده عار. لقد خلق لرعاية الضعفاء والهلَّاك من قبيلته، وهو لذلك لا بد مقتحم مع رفاقه من الصعاليك الفرسان حِمَى بعض القبائل ليسوقوا منها ما يشاءون من الإبل السائمة، وهم يهجمون تارة في الحجاز وتارة في نجد. وكل ذلك حتى يغنم ما يقدمه لضيفانه، وكم يغنم! إلا أنه لا يُبْقِي على شيء في يده، فماله مال مقتر أو فقير مقل.
والحق أن عروة كان صعلوكًا شريفًا، وأنه استطاع أن يرفع الصعلكة وأن يجعلها ضربًا من ضروب السيادة والمروءة؛ إذ كان يستشعر في قوة فكرة التضامن الاجتماعي وما يطوى فيها من إيثار وبر بالفقراء، فهو لا يسعى لنفسه فحسب، وإنما يسعى قبل كل شيء للمعوزين من عشيرته حتى يدفع عنهم كل ما يجدون من بؤس وشقاء.

1 معتم وزيد: بطنان من عبس. ندب: خطر.
2 كواسع: خيل تطرد إبلًا وتكسعها. السوام: الإبل السائمة أخرى: آخر. المنفر: المذعور.
3 بيض: سيوف. وفي البيت إقواء. ورواية الديوان: ذات لون مشهر ولو صحت لم يكن في البيت إقواء.
4 الشث والعرعر: من أشجار البادية.
5 يريح: يرد. ويقصد بالماجد الكريم نفسه، كما يقصد بماله إبله. سارحًا: سائمًا في المرعى. مقتر: فقير مقل.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 387
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست