responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 386
ولا قوتهم، يقول:
لَحى اللَهُ صُعلوكًا إِذا جَنَّ لَيلُهُ ... مضى في المُشاشِ آلِفًا كُلَّ مَجزَرِ1
يَعُدُّ الغِنى مِن نَفسِهِ كُلَّ لَيلَةٍ ... أَصابَ قِراها مِن صَديقٍ مُيَسَّرِ2
يَنامُ عِشاءً ثُمَّ يُصبِحُ قاعِدًا ... يَحُتُّ الحَصى عَن جَنبِهِ المُتَعَفِّرِ3
يُعينُ نِساءَ الحَيِّ ما يَستَعِنُّهُ ... وَيُمسي طَليحًا كَالبَعيرِ المُحَسَّرِ4
وواضح أنه ينعته بأنه ضعيف الهمة؛ فحسبه لقمة تشبعه، مما يتساقط من فضلات الموسرين، وإنه لينام ملء جفونه فليس هناك ما يشغله، وحتى هو في النهار ليس هناك ما يعمله سوى خدمة النساء؛ فهو ذليل مهين يعيش عالة على مجتمعه. ومثل هذا الصعلوك جدير بكل ملامة، لأنه يَحْيَا حياة وضيعة، أما الصعلوك الآخر الشريف فهو جدير بكل ثناء وتشجيع من الزوجة وغير الزوجة، يقول في وصفه:
وَلله صُعلوكٌ صَحيفةُ وَجهِهِ ... كَضَوءِ شِهابِ القابِسِ المُتَنَوِّرِ5
مُطِلًّا عَلى أَعدائِهِ يَزجُرونَهُ ... بِساحَتِهِم زَجرَ المَنيحِ المُشَهَّرِ6
وإن بَعُدوا لا يَأمَنونَ اِقتِرابَهُ ... تَشَوُّفَ أَهلَ الغائِبِ المُتَنَظَّرِ7
فَذلِكَ إِن يَلقَ المَنِيَّةَ يَلقَها ... حَميدًا وَإِن يَستَغنِ يَومًا فَأَجدِرِ
فهذا هو الصعلوك الذي يعجب به عروة، صعلوك وجهه مشرق بأعماله المجيدة، لا يزال يطل على أعدائه ويشرف عليهم؛ فيظفر منهم بكل ما يريد، رغم صياحهم به وزجرهم له. وهم مهما بعدوا لا يأمنون غزوه؛ بل إنهم لينتظرونه انتظار أهل

1 لحى: قبّح ولعن. المشاش: رءوس العظام اللينة. المجزر: موضع الجزر.
2 قراها: طعامها. ميسر: غني كثرت إبله.
3 يحث: يحرك.
4 الطليح: المعيي ومثله المحسر.
5 صحيفة الوجه: بشرته. الشهاب شعلة ساطعة من النار. القابس: الذي يقبس النار أو يأخذها. المتنور: المضيء.
6 مطلًا: مشرفًا. يزجرونه: يصيحون به كما يزجر القدح إذا ضرب. المنيح: قدح سريع الخروج والفوز. المشهر: المشهور.
7 تشوف: تطلع. المتنظر: المنتظر قدومه.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 386
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست