responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 385
البطين. وما لبث أن قال: إنه يقسم طعامه بينه وبين الفقراء أو بعبارة أدق يقسم جسمه في جسومهم؛ بل كثيرًا ما يؤثرهم على نفسه بكل طعامه مع جوعه ومسغبته مكتفيًا بشرب الماء البارد، على حين يعصف الشتاء بزمهريره. والذي لا ريب فيه أنه طمح إلى مثل نبيل في البر والإيثار ودفع غوائل البؤس والشقاء عن البؤساء والضعفاء. ونحن نقف عند قصيدة أنشدها له الأصمعي في أصمعياته[1]، وهي بذلك من أوثق شعره وأصدقه. وهو يستهلها بتوجيه الخطاب إلى امرأته سلمى التي تلومه على كثرة مخاطراته ومغامراته في الغزوات والغازات، وقد رد عليها بأنه يبغي حسن الأحدوثة وبقاءها، وأنه إنما يرمي بنفسه في المهالك من أجلها، حتى يغنيها، وحتى لا تشعر بالحاجة من بعده أو بالذل والهوان، وهي تماريه شفقة عليه:
تَقولُ لَكَ الوَيلاتُ هَل أَنتَ تارِكٌ ... ضُبُوًّا بِرَجلٍ تارَةً وَبِمِنسَرِ2
فهي تقول له: إنك لن تنتهي عن غاراتك بالصعاليك من الراجلين تارة ومن الفرسان تارة ثانية، وحري بك أن تكف عن ذلك؛ حتى لا تلقى حتفك ويرد عليها:
أَبى الخَفضَ مَن يَغشاكِ مِن ذي قَرابَةٍ ... وَمِن كُلِّ سَوداءِ المَعاصِمِ تَعتَري3
وَمُستَهنِئٍ زَيدٌ أَبوهُ فَلا أَرى ... لَهُ مَدفَعًا فَاقني حَياءَكِ وَاِصبِري4
فهو لا يستطيع القعود عن الغزو كما تريد زوجه؛ لما عليه من واجبات وحقوق لأقربائه المحتاجين من قبيلته، ونسائها المعوزات، والعُفاة، طلاب العطاء من الضعفاء؛ فهو إنما يغزو من أجل الوفاء بحقوق هؤلاء جميعًا. ويعرض عليها صورتين للصعلوك، صورة رديئة، وصورة جيدة، أما الصورة الأولى ففيها يتراءى الصعلوك خاملًا، حسبه أن ينال أكلة من فتات مائدة، لا يهمه أهله ولا عياله

[1] الأصمعيات: "طبع دار المعارف" ص35.
2 ضبوء: غزو. رجل: جمع راجل ضد راكب. المنسر: كمجلس ومنبر: الجماعة من الخيل بين الثلاثين والأربعين.
3 الخفض: الدعة ولين العيش: ويريد بسوداء المعاصم التي أجهدها الجوع والهزال. تعتري: تغشى.
4 مستهنئ: طالب للهنء وهو العطاء، وزيد من أجداد عروة يريد أنه قريبه. اقني حياءك: صونيه واحفظيه.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 385
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست