نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 429
ليقترب شعره من شعر العباسيين لا في معانيه فحسب؛ بل أيضًا في سهولة ألفاظه وخفة أوزانه. ونفس الموضوعين الأساسيين اللذين يدور فيهما شعره ولا يختلفان في شيء عما نقرؤه للعباسيين ونقصد وصفه للخمر وغزله وتدلهه فيه وما قد يلاحظ عنده من المبالغة وكثرة التضمين.
وخرجت من هؤلاء الشعراء المبرزين إلى دراسة طوائف من الشعراء اتفقوا في اتجاه من اتجاهات الحياة الجاهلية؛ فدرستُ أولًا الفرسان وما يصورون في أشعارهم من بطولتهم ومثاليتهم الخلقية الرفيعة. ثم درست الصعاليك وما يصورونه في أشعارهم من غاراتهم وما نحسُّه عند نفر منهم من تسام وعون للفقراء والمعوزين. ثم بحثت في شعراء اليهود مبينًا كثرة ما نحل عليهم. ووقفت عند النصارى من الشعراء أمثال عدي بن زيد العبادي، ولاحظت أن شعرًا كثيرًا زيف عليه. ولا نبالغ إذا قلنا: إن أكثر ما يضاف على أمية بن أبي الصلت، إن لم يكن كله، موضوع منتحل، وتدور الأشعار المضافة إليه في موضوعين أساسيين، هما نشأة الكون وما يتصل بها من خلق السموات والأرض، والموت أو الفناء وما يعقبه من العذاب والثواب.
ولما فرغت من بحث الشعر الجاهلي وشعرائه انتقلت أبحث في النثر الجاهلي؛ فلاحظت أن الجاهليين لم يعرفوا الرسائل الأدبية المحبرة، ولكنهم عرفوا القصص والأمثال والخطابة وسجع الكهان. ومن الحق أنهم لم يدونوا شيئًا من قصصهم؛ غير أن ما أضافه العباسيون إليهم يصور غير قليل من روحه وطبيعته. وعرضت لأمثالهم وما كان من ازدهار الخطابة بينهم واصطلاحهم فيها على طائفة من السنن والتقاليد. وكان كهانهم يحاولون التأثير البالغ في نفوس سامعيهم بما يسوقون إليهم من أسجاع وألفاظ غريبة وأقسام وأيمان موهمة. وكل ذلك يؤكد أن الجاهليين حاولوا في نثرهم ما حاولوه في شعرهم من روعة الأداء، حتى يستأثروا بقلوب سامعيهم ويخلبوا عقولهم وألبابهم.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 429