نام کتاب : تزيين الأسواق في أخبار العشاق نویسنده : الأنطاكي، داود جلد : 1 صفحه : 100
فطلبته فلم أجده أيضاً فغمني أيضاً أمره، وقلت للخادم لا يأتيك أحد بكتاب إلا قبضت عليه حتى أراه، وكان قد قرب الحاج فلما وقفت بعرفة إذا بشاب على ناقة إلى جانبي وقد أخذ منه النحول والسقم إلا أن عليه آثار الجمال والأدب فسلم علي وقال هل تعرفني قلت زدني قال أنا صاحب الكتابين قلت قد وهبت لك الجارية ومائة دينار فامض وأعرفها وتسلمها فقد تعبت من أمرك. قال لم أطلب شيئاً مما تقول فعرفني اسمها لا كرمها من أجلك، قال ما كنت بالذي يبوح بشيء وانصرف بعد أن أنشد:
لعمرك ما استودعت سري وسرها ... سواها حذار أن تضيع السرائر
أصون الهوى خوفاً عليك من العدا ... مخافة أن يغري بذكراك ذاكر
ومنهم أبو عبد الله الخبشاني عشق جارية سوداء يقال لها صفراء، ومرض من حبها حتى لزم الوساد فقيل لمولاه لو أرسلت بها إليه فعساه أن يجد الشفاء فلما دخلت عليه قالت كيف أصبحت قال بخير ما رأيتك قالت ما تشتهي، قال قربك قالت مما تشتكي؟ قال هجرك قالت فيم توصي؟ قال بك إن سمع لي قالت إني أريد الانصراف، قال لا تعجلي ثواب الصلاة علي، فلما رآها ولت شهق شهقة فمات.
ومنهم شاب بصري قال في النزهة اسمه ظريف بن نعيم الغفاري كان بأعظم حالة من الجمال وأمكن رتبة من المال، وأنه اقترح على أبيه وكان من أكابر تجار البصرة أن يرسله بمتجر إلى بغداد، فمانعه زماناً وكان يقول له نحن غير محتاجين إلى اكتساب بالأسفار فلا تفجعني فيك، فأبى إلا السفر فجهز له حملاً وسار حتى دخل بغداد، فأقام بها مدة يتنزه ويسرح في ملاذها ناظره ويشرح بمنازهها خاطره إلى أن أشار عليه بعض ندمائه بحضور الدكة يعني المكان الذي تباع به الجواري فحضر مع خواص التجار وجيء بجارية بهرت الحاضرين وأشغلت الناظرين.
فكانت كلما أراد أحد تقليبها لم تمكنه من النظر إلى أكثر من عضو واحد وكانت كلما أراد أحد شراءها عابته حتى وقعت عينها على البصري فأحبته وأطعمته بنفسها فساوم مولاها حتى أخذها بمائة ألف درهم ثم انطلق بها إلى منزله.
فلما كان الليل إذا بطارق فخرج فإذا هو صاحب شرطة الحجاج فأخذوه حتى دخلوا به عليه فقال له علي بالجارية التي اشتريتها، فقال أصلح الله الأمير إنها روحي فلا تكن سبب هلاكي. فأمر بالقبض عليه وأرسل من جاء بالجارية، فلما رآها علم أنها لم تبق له إن عرف الخليفة ذلك فوجه بها إلى الشام من ليلتها إلى عبد الملك وحبس الشاب، فلما زال عقله أطلقه وأخذ ماله، فتوجه الشاب إلى دمشق فأقام بها مدة متنغص الحياة، فأراد أن يحتال للاجتماع بالجارية فلم يمكن فوقع في قصة أنه رأى أمير المؤمنين يأمر جاريته نعمى أن تغني لي ثلاثة أصوات اقترحها، ثم يفعل ما شاء. فلما سمع القصة اشتد غضبه ثم عاوده الحلم فلما انصرف الناس أحضر الشاب والجارية، وقال مرها بما شئت، فقال لها غني لي قول قيس بن ذريح لقد كنت حبس النفس إلى أربعة أبيات فغنت فمزق أثوابه، ثم قال لها غني قول جميل:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة
إلى ستة أبيات فغنت فغشي عليه، ثم أفاق فقال غني قول المجنون:
وفي الحيرة الغادون من بطن وجرة
إلى أربعة أبيات فلما غنت قام والقي نفسه من علو شاهق فمات.
فقال عبد الله لقد عجل على نفسه أيظن أني أخرجت جارية وأعود بها خذها يا غلام فاعطها لورثته أو فتصدقوا بها عليه، فلما نزلوا بها نظرت إلى حفيرة معدة للسيل فجذبت يدها من الغلام وهي تقول:
من مات عشقاً فليمت هكذا ... لا خير في عشق بلا موت
وألقت نفسها في الحفيرة فماتت وسأل القوم عن الغلام فقيل أنه قدم من كذا وكذا يوماً ورؤي في الأسواق وهو يقول:
غداً يكثر الباكون منا ومنكم ... وتزداد داري من دياركم بعدا
وقيل إن القصة وقعت بين يدي سليمان بن عبد الملك وأنه اقترح في الصوت الأول قول امرىء القيس:
أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل
إلى ثلاثة أبيات وفي الثاني:
غداً يكثر الباكون منا ومنكم
البيتين وفي الثالث:
تألق البرق نجدياً فقلت له ... يا أيها البرق إني عنك مشغول
يكفيك مني عدوّ ثائر حنق ... بكفه كحباب الماء مصقول
وأنه كان يطلب كل مرة النبيذ فيسقي.
نام کتاب : تزيين الأسواق في أخبار العشاق نویسنده : الأنطاكي، داود جلد : 1 صفحه : 100