نام کتاب : تزيين الأسواق في أخبار العشاق نویسنده : الأنطاكي، داود جلد : 1 صفحه : 99
هكذا وجدت القصيدة وإن بترها المصنف إلا أن في بعض أبياتها تغييراً ففي نسخة بدل إذا لم تكن تعشق. إذا كنت عزهاة عن اللهو والصبا. يعني بالعزهاة بالمهملة فالزاي محب اللهو والطرب وبدل قوله وإني وإن فندت أغرقت، وبدل قوله لكنت المخلدا لكان ولما سمعه قال لحبابة من يقول هذا قالت الأحوص فاستحضره وأحسن صلته وتراسات فيه يوماً هي وسلامة، فغنيتا إلى أن قالت حبابة كريم قريش، فقال يزيد من يعني قالت أنت، فقالت سلامة أسمع باقيه وأكملته فأجزل صلة الأحوص وكانت إذا غنته حبابة الشعر يطرب حتى يقول أحسنت يا حبيبتي أتأمرين أن أطير فتقول له إلى من تكمل الأمة فيقول إليك واشتد طربه بها يوماً فقال لها قد استخلفتك واستعلمت فلاناً عنك، فقالت قد عزلته فقال أوليه وتعزلينه، وقام مغضباً فلم تكترث به وارتفع النهار فدعا خادماً لها فقال له ما تصنع حبابة؟ قال قد اتزرت بازار خلوقي وهي تلعب بلعبها، فقال هل تقدر أن تمر بها علي، ولك حكمك.
فمضى فلاعبها ساعة واستل لعبة وفر فانطلقت في طلبه تخطر حتى مرت عليه فوثب واعتنقها وهو يقول وليته وهي تقول عزلته، واصطلحا وأقاما على ذلك إلى أن قال يزيد يوماً قد بلغني إن السرور لم يصف لشخص يوماً كاملاً وإني مجرب ذلك، ودعا بحجابه فأوصاهم أن لا يدخلوا عليه أحداً واحتجب معها ببستان له بمقربة من الغوطة تسمى ببيت رأس علي.
زعم المؤرخون أن يزيد بن معاوية وضع رأس الحسين بها حين قدموا به فلم يزل معها على عادتهما حتى انتصف النهار وأنه ضاحكها ثم رشقها بعنبة أو حبة رمان، وقيل هي ابتلعتها فشرقت بها فماتت، واشتد غم يزيد وحزنه وأقام ثلاثاً يرشفها ويضمها ولم يقم أحداً لدفنها حتى ضج به القوم وعذلوه فأذن في تجهيزها ثم لم يستطع النهوض إلى الصلاة عليها، فقيل حمل على رقاب الناس، وقيل قال له مسلمة أنا أكفيك مع أنه لم يحضر ثم ضم جويرية كانت تخدم حبابة فأنس بها فقال لها يوماً ههنا كنا نجلس، قالت نعم، فأنشدك
كفى حزناً للهائم الصب أن يرى ... منازل من يهوى معطلة قفرا
وخرج إلى قبرها فبكى طويلاً، ثم تمثل بقول كثير:
فإن تسل عنك النفس أو تدع الهوى ... فباليأس تسلو عنك لا بالتجلد
وكل خليل زارني فهو قائل ... من أجلك هذا ميت اليوم أو غد
ثم مكث خمسة عشر يوماً وعاوده القلق فأمر بنبشها، فقيل منعه أخوه وقال له الناس أنك أتيت في عقلك فيخلعونك فرجع وقيل استخرجها وجعل يقبلها، فقيل له قد تغيرت. فقال أراها أحسن منها اليوم وإنه مات حينئذ وقيل أقام أربعين يوماً ثم مات ودفن في جانبها. قالوا ولم يسبق أن خليفة مات عشقاً سواه، وأما سلامة فأقامت بعدهما حتى توفيت ما قيل في عهد المنصور.
وحكى عن رجل أنه قال دخل علي غلامي ومعه كتاب ففتحته وإذا فيه:
تجنبك البلاء ونلت خيراً ... ونجاك المليك من التموم
فعندك لو مننت شفاء نفس ... وأعضاء فنين من الكلوم
فعلمت أنه عاشق وأمرت بإدخاله فلم يجدوه، فعرضت الكتاب على جواري وقلت من عرفت منكن أمر صاحب هذا فهي له ومائة دينار، فحلفن أنهن لم يعرفن ذلك وبقي الكتاب والدراهم سنة في جانب البيت، فبينا أنا يوماً جالس إذ دخل علي غلامي بكتاب مثل الأول وفيه:
ماذا أردت إلى روح معلقة عند ... التراقي وحادي الموت يحدوها
حبست حاديها ظلماً فجدّ بها ... في السير حتى تخلت في تراقيها
والله لو قيل لي تأتي بفاحشة ... وإن عقباك دنيانا وما فيها
لقلت لا والذي أخشى عقوبته ... ولا بأضعافها ما كنت آتيها
لولا الحياة لبحنا بالذي كتمت ... بنت الفؤاد وأيدينا أمانيها
نام کتاب : تزيين الأسواق في أخبار العشاق نویسنده : الأنطاكي، داود جلد : 1 صفحه : 99