نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت جلد : 1 صفحه : 428
وتواكلتم وثقل عليكم قولي، واتخذتموه وراءكم ظهريًّا؛ حتى شنت[1] عليكم الغارات، وملكت عليكم الأوطان، هذا أخو غامد[2] قد وردت خيله الأنبار، وقتل حسان بن حسان البكري، ورجالًا منهم كثيرًا ونساء، وأزال خيلكم عن مسالحها[3].
والذي نفسي بيده، لقد بلغني أنه كان يدخل على المرآة المسلمة، والأخرى المعاهدة[4]، فينتزع حجلها[5] وقلبها[6]، وقلائدها ورعثها[7]، ما تمتنع منه إلا بالاسترجاع[8] والاسترحام، ثم انصرفوا وافرين[9]، ما نال رجلًا منهم كلم[10]، ولا أريق لهم دم؛ فلو أن امرأ مسلمًا مات من دون هذا أسفًا، ما كان عندي فيه ملومًا؛ بل كان به عندي جديرًا.
يا عجبًا كل العجب! عجب يميت القلب، ويشغل الفهم، ويكثر الأحزان! من تضافر[11] هؤلاء القوم على باطلهم، وفشلكم عن حقكم، حتى أصبحتم غرضًا[12] ترمون ولا ترمون، ويغار عليكم ولا تغيرون، ويعصى الله عز وجل فيكم وترضون: إذا قلت لكم اغزوهم في الشتاء؛ قلتم هذا أوان قر[13] وصر، وإن قلت لكم اغزوهم [1] شن الغارة عليهم: صبها من كل وجه، من شن الماء على رأسه إذا صبه. [2] يريد سفيان بن عوف الغامدي قائد الحملة على الأنبار. [3] جمع مسلحة بالفتح: وهي الثغر. [4] المعاهدة: ذات العهد، وهي الذمية. [5] الحجل بالفتح: الخلخال، وسمي القيد حجلًا؛ لأنه يكون مكان الخلخال. [6] القلب: سوار المرأة. [7] الرعثة بالفتح: القرط، والجمع رعاث بالكسر، وجمع الجمع رعث بضمتين. [8] قول: إنا لله وإنا إليه راجعون. [9] أي تامين، وفي رواية المبرد: "موفورين" أي لم ينل أحدًا منهم بأن يرزأ في بدن ولا مال. [10] جرح. [11] تعاون وتناصر. [12] وفي رواية نهج البلاغة: "فقبحًا لكم وترحا حين صرتم غرضًا يرمى" وزادت رواية الجاحظ بعد ذلك: "وفيئًا ينهب" والترح: محركة الهم، والغرض: الهدف. [13] القر مثلثة القاف: البرد، والصر: شدة البرد. وفي النهج: "وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء؛ قلتم هذه صبارة القر، أمهلنا: ينسلخ عنا البرد" وصبارة الشتاء بتشديد الراء: شدة برده.
نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت جلد : 1 صفحه : 428