نام کتاب : جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع نویسنده : الهاشمي، أحمد جلد : 1 صفحه : 47
يُطابقُ اقتضاء الحال: باسم «علم المعاني [1] » .
تعريف علم المعاني، وموضوع، وواضعه
(1) علم المعاني أصولٌ وقوَاعِد يُعرف بها أحوال الكلام العربي التي يكون بها مُطابقاً لِمقتضى الحال [2] . بحيث يكون وفق الغَرَضِ الذيِ سيقَ له.
فذكاء المُخاطب: حال تَقتضي إيجاز القول، فاذا أوَجزتَ في خطابه كان كلامك مطابقاً لمقتضى الحال، وغباوته حال تقتضي الإطناب والإطالة - فاذا جاء كلامك في مخاطبته مطنباً: فهو مطابق لمُقتضَى الحال، ويكون كلامك في الحالين بليغان وَلو أنك عكست لانتفت من كلامك صفة البلاغة.
(2) وَموضوعه - اللَّفظُ العربي، من حيثُ إفادتُه المعاني الثَّواني [3] . التي هي الأغراض المقصودةُ للمتكلّم، من جعل الكلام مشتملا على تلك اللَّطائف والخصوصيّات، التي بها يُطابقُ مُقتضى الحال.
(3) وفائدته: [1]- معرفة إعجاز القرآن الكريم، من جهة ماخصِّة الله به من جودة السبَّك، وحُسن الوصف، وبَراعة التَّراكيب ن ولُطف الإيجاز وما اشتمل عليه من سُهولة الترَّكيب، وجزالة كلماتهن وعُذوبِة ألفاظه وسلامتها - إلى غير ذلك من محاسنه التي اقعدت العرب عن مناهضته، وحارتَ عقولهُم أمام فصاحته وبلاغته.
(ب) والوقوف على أسرار البلاغة والفصاحة: في مَنثور كلام العرب ومنظومه كي تحتذىَ حذوه، وتَنسُجَ على منواله، وتَفرقَ بين جَيِّد الكلام وَردِيئه.
(4) وواضعه - الشيخ (عبد القاهر الجُرجاني) المُتوفي سنة 471 هـ [4] . [1] قال بعض العلماء - المعاني المتصورة في عقول الناس المتصلة بخواطرهم خفية بعيدة، لا يعرف الانسان ضمير صاحبه، ولا حاجة أخيه، ولا مراد شريكه، ولا المعاون له على أمره، الا بالتعابير التي تقر بها من الفهم، وتجعل الخفي منها ظاهراً والبعيد قريباً، فهي تخلص الملتبس، وتحل المنعقد، وتجعل المهمل مقيداً، والمقيد مطلقا والمجهول معروفا، والوحشي مألوفا، وعلى قدر وضوح الدلالة وصواب الاشارة يكون ظهور المعنى، والعاقل يكسو المعاني في قلبه، ثم يبديها بألفاظ عرائس في أحسن زينة، فينال المجد والفخار، ويلحظ بعين العظمة والاعتبار، والجاهل يستعجل في اظهار المعاني قبل العناية بتزيين معارضها، واستكمال محاسنها، فيكون بالذم موصوفا، وبالنقص معروفاً ويسقط من أعين السامعين، ولا يدرج في سلك العارفين.
واعلم أن الأصل في اللفظ أن يحمل على ظاهر معناه، ومن يذهب إلى التأويل يفتقر إلى دليل كما جاء في القرآن، «وثيابك فطهر» فان الظاهر من لفظ الثياب هو ما يلبس ومن تأول ذهب إلى أن المراد هو القلب لا الملبوس، وهذا لابد له من دليل، لأنه عدول عن ظاهر اللفظ.
واعلم أيضاً أنه يجب صناعة على معاني المعاني أن يرجح المعاني بحيث يرجح بين حقيقة ومجاز - أو بين حقيقتين، أو مجازين. [2] الحال هو الأمر الداعي للمتكلم إلى إيراد خصوصية في الكلام، وتلك الخصوصية هي مقتضى الحال - مثلا إن كان بينك وبين مخاطبك عهد بشيء - فالعهد حال يقتضي إيراد الكلام معرفا، والتعريف هو مقتضى الحال، فالحال هو ما بعد لام التعليل المذكورة بعد كل خصوصية كقولك في الذكر: ذكر لكون ذكره الأصل وفي الحذف: حذف للاستغناء عنه - وهلم جرا. [3] أي والمعاني الأول - ما يفهم من اللفظ بحسب التركيب، وهو أصل المعنى مع زيادة الخصوصيات من التعريف والتنكير: قال بعض أهل المعاني الكلام الذي يوصف بالبلاغة، هو الذي يدل بلفظه على معناه اللغوي. أو العرفي، أو الشرعي - ثم تجد لذلك المعنى دلالة ثانية على المعنى المقصود الذي يريد المتكلم إثباته أو نفيه - فهناك الفاظ ومعان أول - ومعان ثوان - فالمعاني الأول هي مدلولات التركيب، والالفاظ التي تسمى في علم النحو أصل المعنى - والمعاني الثواني الاغراض التي يساق لها الكلام ولذا قيل (مقتضى الحال) هو المعنى الثاني، كرد الانكار ودفع الشك - مثلا إذا قلنا ان زيداً قائم، فالمعنى الأول هو القيام لزيد، والمعنى الثاني هو رد الانكار، ودفع الشك بالتوكيد - وهلم جرا - والذي يدل على المعاني خمسة أشياء: اللفظ، والاشارة والكتابة، والعقد، والحال. [4] اعلم أنه لما احتدم الجدل صدر الدولة العباسية، إبان زهو اللغة وعزها في بيان وجوه اعجاز القرآن، وتعددت نزعات العلماء في ذلك ولما قامت سوق نافقة للمناظرة بين أئمة اللغة والنحو، أنصار الشعر القديم الذين جنحوا إلى المحافظة على أساليب العرب، ورأوا الخير كله في الوقوف عند أوضاعهم وبين الأدباء..والشعراء أنصار الشعر الحديث الذين لم يحفلوا بما درج عليه اسلافهم وآمنوا بأن للحضارة التي غذوا بلبانها آثاراً، غدوا معها في حل من كل قديم ولما شجر الخلاف بين أساطين الأدب في بيان جيد الكلام ورديئه دعت هذه البواعث ولفتت أنظار العلماء إلى وضع قواعد وضوابط يتحاكم اليها الباحثون، وتكون دستوراً للناظرين في آداب العرب (المنثور منها والمنظوم) ولا نعلم أحداً سبق أبا عبيدة بن المثنى المتوفى سنة 211 هـ تلميذ الخليل بن احمد في تدوين كتاب في علم البيان يسمى (مجاز القرأن) كما لا نعرف بالضبط أول من ألف في علم المعاني - وإنما اثر فيه نبذ عن بعض البلغاء كالجاحظ في كتابه «اعجاز القرآن «وابن قتيبة في كتابه «الشعر والشعراء» - والمبرد في كتابه «الكامل» ولكن نعلم أن أول من ألف في البديع (الخليفة عبد الله بن المعتز بن المتوكل العباسي) المتوفى سنة 296 هـ وما زالت هذه العلوم تسير في طريق النمو، حتى نزل في الميدان الامام (أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني) المتوفى سنة 471 هـ فشمر عن ساعد الجد، ودون كتابية - أسرار البلاغة - ودلائل الاعجاز - وقرن فيهما بين العلم والعمل، ثم جاء إثر عبد القاهر - (جار الله الزمخشري) ، فكشف في تفسسيره «الكشاف» عن وجوه إعجاز القرآن، وأسرار بلاغته، وأوضح ما فيه من الخصائص والمزايا، وقد ابان خلالها كثيرا من قواعد هذه الفنون - ثم نهض بعده (أبو يعقوب يوسف السكاكي) المتوفى سنة 626 هـ فجمع في القسم الثالث من كتابه «المفتاح» ما لا مزيد عليه، وجاء بعده علماء القرن السابع فما بعده يختصرون ويضعون مؤلفاتهم حسب ما يسمح به مناهج التعليم للمتعلمين في كل قطر من الأقطار حتى غدت أشبه بالمعميات والالغاز.
نام کتاب : جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع نویسنده : الهاشمي، أحمد جلد : 1 صفحه : 47