نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 123
للمجهول إشارة إلى السرعة الفائقة حتى كأن السيوف تسل وحدها، فليس للاختراط فاعل، والكلمة تبعث في شطر البيت حركة مفاجئة، وفارهة تناسب شعور الفخر الهائج، وتتلاقى مع الحركة الطائشة المتناثرة في شطر البيت الثاني: "تطير له السواعد"، وقوله: يحمي كلمة مستعملة فيما وضعت له؛ لأن المراد هنا أصل معناها، وكذلك كلمة ضرب وهما طرفا المجاز، وإنما وقع التجوز في أن صار الضرب فاعلًا للحماية، والحامي في الحقيقية ليس الضرب، وإنما هم القوم بالمنازلة والمقارعة، وفي هذا تأكيد لقدرتهم على حماية حرماتهم من جهة أنه إذا كان ضربهم قادرا على الحماية فهم عليها أقدر، هكذا يرى عبد القاهر، وفيه أيضا إشارة إلى شدة الضرب، وتميزه واستقلاله ونهوضه بالذود والحماية، وهذا هو الخيال الكامن وراء المجاز.
ومن ذلك قول حاجز بن عوف الأختمي في قصيدته: "صباحك وأسلمي عنا أماما": "من الوافر"
أبي عبر الفوارس يوم داج ... وعمي مالك وضع السهاما
فلو صاحبتنا لرضيت عنا ... إذا لم تغبق المائة الغلاما
أراد بقوله: عبر الفوارس أي خبر قوة عدوه وعدها، وعرفها ثم احتال في الرجوع إلى قومه، من قولهم: عبر الدنانير، وزنها دينارا دينارًا، واليوم الداجي هو اليوم الصعب الشديد، وكأنه ترى كواكبه، ووضع السهام أي وضع الأنصباء، وكان الحارث بن يشكر يأخذ سهاما من الأزد إذا غنموا نفاجة منه واقتدارًا، فمنع ذلك ذهل بن الأخشمي عم الشاعر وكان أبيا شجاعا، والغبوق ما يحلب من الإبل والغنم، وما يشرب بالعشي، وبابه نصر، يفخر الشاعر بعمه ووالده ثم يقول لصاحبته: لو صاحبتنا في زمان الشدة، والجدب لعرفت وفرة سخائنا، والشاهد قوله: إذا لم يتغبق المائة الغلاما، والغابق ليست الإبل وإنما هم القوم من لبن الإبل، فأسند الغبوق إلى الإبل إسنادا مجازيا؛ لأنها من الغبوق بسبيل حيث درت لبنها، فأعانت على الغبوق.
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 123