نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 128
فتى كان يعطي السيف في الروع حقه ... إذا ثوب الداعي وتشقى به الجزر
فتى كان يدنيه الغنى من صديقه ... إذا ما هو استغنى ويبعده الفقر
وثوب الداعي رجع صوته في الدعاء مرة أخرى ليسمع صوت دعائه واستغاثته، وعطاء السيف حقه هو الضرب به في حال الشد، وإروائه من دم الأعداء، وشقاء الجزر به؛ لأنه كان ينحرها لضيفانه فهو شجاع جواد، وقوله: يدنيه الغنى من صديقه، مجاز في الإسناد؛ لأن الغنى لا يدنيه وإنما يدنو هو من صديقه بسبب غناه، ومثله: ويبعده الفقر، وفضل هذا الأسلوب على طريق الحقيقة هو أنه يؤكد سببية الغنى، في دنو الممدوح من أصدقائه حتى كأن الغنى هو الذي يدنيه، ويدفعه نحوهم، وكأن الفقر هو الذي يبعده، ومنه قول عمار الأسدي يرثي ولده معينا، وهو من جيد الرثاء: "من الوافر"
ظللت بجسر سابور مقيما ... يؤرقني أنينك يا معين
وناموا عنك واستيقظت حتى ... دعاك الموت وانقطع الأنين
والظلول أصله المكث نهارًا، ولكنهم توسعوا في معناه، فأطلقوه على الأوقات كلها، جسر سابور بلد من بلاد الفرس، والشاهد قوله: يؤرقني أنينك؛ فإن الشاعر أرق لأنين ولده، وهذه الصورة بالغة في التأثير، وهي كما ترى خالية من الاحتفال والمبالغات، وإنما تصف معاناة نفس صرفها حزنها الواله عن العناية بالصنعة، فجاءت الأبيات وليس فهيا إلا ترجيع الحزن وترنح البكاء، وحسبها من الشعر هذا.
ومن هذا الضرب في القرآن الكريم قوله تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [1]، فقد أسندت زيادة الإيمان إلى الآيات، وهي في الحقيقة سبب أي زادهم الله إيمانا بسبب الآيات، ومثله: {فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا} [2]، ومزية المجاز هنا أن الآيات لقوة سببيتها [1] الأنفال: 2. [2] التوبة: 124.
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 128