نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 166
وبدت لميس كأنها ... بدر السماء إذا تبدى
نازلت كبشهم ولم ... أر من نزال الكبش بدا
وهكذا يمضي الشاعر مصورًا قيم الفروسية في تصورها العربي الدقيق،
وهذه الموسيقى الوثابة تصف هذه الروح المستفزة، وتتسع في بعض مراحلها إلى الفلسفة التي تبدو هادئة في تحليل الجمال.
وهذا السياق المتحفز، وهذه الأنغام السريعة، يقتضيان تركيز العبارة أشد التركيز؛ لأن ذكر ما يدل عليه السياق، والحال هذه عائق يعوق تدفق النغم، ويحبس اندفاع الروح.
وذكر عبد القاهر قول أبي البرج القاسم بن حنبل المري في زفر بين أبي هاشم بن مسعود بن سنان من قصيدته التي يقول فيها:
من البيض الوجوه بني سنان ... لو أنك تستضيء بهم أضاءوا
وذكر قوله: "من الوافر"، وهو من حر الكلام وخالصه:
هم حلوا من الشرف المعلى ... ومن حسب العشيرة حيث شاءوا
بناة مكارم وأساة كلم ... دماؤهم من الكلب الشفاء
قال بناة مكارم وأراد، هم بناة مكارم، والحذف كما ترى واقع في مقطع من مقاطع المعنى، يوضح ما ذكره في البيت الأول مجملا وهو شرفهم وتمكنهم، فذكر أنهم بناة مكارم هكذا بإطلاقها المستغرق مكارم الجود، والنجدة والشجاجة والقوة إلى آخر ما تحمله العبارة، ثم هي أساة كلهم فهم يملكون من الشدة، والحكمة ما يأسون به الجراح، وكأن الشاعر أراد أن يبرز تميز هذا الجزء من المعنى بقطعة عن سابقه، وحذف المسند إليه هو وسيلته في ذلك؛ لأنه لو ذكره لقال: هم فيكون رابطا واضحا وقويا بين البيتين، فيفوت غرض الشاعر، والكلام وإن كان على تقديره إلا أن إسقاطه من اللفظ يفيد هذا الغرض، ولذلك نرى عبد القاهر يحرص كما سنبين بأن هذا المحذوف يجب
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 166