نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 167
ألا يخطر بالبال؛ لأن وردوه في النفس يذهب بالمغزى منه، وإن كان يقرر وجوب تقديره، وعجيب أن يكون شرف النفس عند آبائي، وآبائك بهذه المنزلة حتى إنهم ليعتقدون أن دماء الكرام تشفى من الدونية، وأن القطرة من دمائهم ينقذ بها من سقط في وهدة الخسة والنذالة، وذكر عبد القاهر أيضا قول أسيد بن عنقاء الفزاري في عميلة الفزاري لما رآه عميلة، وقد نكبه دهره، واختلت حاله، فقال له: "يا عم؛ ما أصارك على ما أرى؟ "، فقال أسيد: "بخل مثلك بماله وصوان وجهي عن أموال الناس"، فقال: أما والله لئن بقيت إلى غد لأغيرن ما أرى من حالك، فما كان السحر سمع رغاء الإبل، وثغاء الشاة، وصهيل الخيل، ولجب الأموال، فقال: ما هذا: فقالوا: هذا عميلة ساق إليك أمواله؛ فلما خرج ابن عنقاء إليه قسم عميلة ماله شطرين، وساهم عمه عليه فقال أسيد: "من الطويل"
رآني على ما بي عميلة فاشتكى ... إلى ماله حالي أسر كما جهر
غلام رماه الله بالخير مقبلا ... له سيماء لا تشق على البصر
والسيماء ممدود السيم وأصله السوم قلبت الواو ياء، والسيم العلامة التي يعرف بها الخير والشر، وقال تعالى: {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ} [1]، ومراد الشاعر أن علامات الخير وسيم الفضل بادية فيه لا تشق على البصر.
والشاهد قوله: "غلام" أراد هو غلام، ولكنه حذف المسند إليه لقوة الدلالة عليه، وجريا على عادتهم في مثله، وهو كما ترى حذف وقع في استئناف جزء من أجزاء المعنى ذكر فيه الشاعر خلائق مهمة في السياق، فطبائع الخير داخله في خلقة هذا الغلام؛ لأن الله قذفه بالخير، فصار في خلقه وخلقه، وناهيك عن هذا، ثم إن ملامح النجابة، والفضل لائحة في الوجه، وكأنها فاضت من داخله على خارجه، فلا تخطئ عين إدراك هذه السيم، واقرأ [1] البقرة: 273.
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 167