نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 176
شنشنة أعرفها من أخزم، والشنشنة الطبيعة والعادة، والأخزم ابن قائل المثل، وكان عاقا لأبيه، فلما مات تواثبت أبناؤه على جدهم فأدموه فقال: "من الرجز
إن بني ضرجوني بالدم ... شنشنة أعرفها من أخزم
أي عادة أعرفها من أبيهم، ويقولون: "صلعاء متئم"، والصلعاء الداهية والمتئم التي تلد توأما، ويقولون: "ذليل عاذ بقرملة"، والقرملة شجرة ضعيفة لا ورق لها، ومضارب هذه الأمثال واضحة من معانيها، وكلها مبني على حذف المسند إليه كما ترى، وذلك للاختصار والإيجاز، وهي فضيلة من فضائل الكلام جليلة ليست مبتذلة، ولا متاحة لكل متكلم.
ومن هذا الباب بنبا الفعل للمجهول وحذف الفاعل؛ لأن نائبه ليس هو المسند إليه في الحقيقة، ومن ذلك قوله تعالى: {وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [1].
وهذه الآية الكريمة من الشواهد السائرة عند البلاغيين، وقد كثر كلامهم في بيان فصاحتها، وقالوا: إن واحدا ممن حاولوا معارضة القرآن لما قرأها مزق أوراقه، وقال ابن أبي الأصبع: إن لم ير -في جميع ما استقرى من الكلام المنثور، والشعر الموزون- كهذه الآية، وأنه استخرج منها أحد وعشرين ضربا من المحاسن، وهي ملحوظات لا تخلو من حسن، وحذف المسند إليه الحقيقي في قوله: وقيل: يا أرض يشير إلى قوة ظهوره، وأن ذلك الفعل الهائل أعني مخاطبته الأرض، وتوجيه الأمر المستعلى إليها لا يكون إلا من الذي خلقها، فسواها وكذلك السماء، وحذف الفاعل في قوله: وغيض الماء للإشارة إلى الإجابة السريعة، فما أن أمرت الأرض بأن تبلغ، والمساء بأن [1] هود: 14.
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 176