نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 177
تقلع إلا وقد غيض الماء، وكأن قوة هائلة مجهولة اختطفته، وابتلعته فهذه معها.
ومثله قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [1]، قال الزمخشري في "كشافه" القديم كما يقول الزركشي: "هذا أدل على كبرياء المنزل وجلالة شأنه من القراءة الشاذة أنزل مبنيا للفاعل كما نقول: الملك أمر بكذا، ورسم بكذا، وخاصة إذا كان الفعل فعلا لا يقدر عليه إلا الله، كقوله: وقضى الأمر، قال: كأن طي ذكر الفاعل كالواجب لأمرين: أحدهما أنه إن تعين الفاعل، وعلم أن لفعل مما لا يتولاه إلا هو وحده كان ذكره فضلا ولغوا، والثاني: الإيذان بأنه غير مشارك، ولا مدافع عن الاستئثار به، والتفرد بإيجاده".
ومن ذلك قوله تعالى -في وصف سحرة فرعون لما رأوا آية موسى عليه السلام، واستيقنتها أنفسهم بعد ما سحروا أعين الناس، واسترهبوهم فبادروا بالانقياد، والسجود في سرعة فائقة، قال سبحانه: {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ، وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} [2] حذف المسند إليه في قوله: فغلبوا هنالك؛ لأن الغرض منصب على بيان أن السحرة غلبوا، وأن سحرهم أبطل وكانوا فيه مشاهير، وفيه إشارة إلى أن الغالب في الحقيقة ليس هو موسى عليه السلام، وإنما قوة أيدت موسى، وجعلت عصاه حية تسعى ألقاها، فإذا هي تلقف ما يأفكون، ولو أنه قال: فغلبهم موسى لكان نصا على غلبة موسى عليه السلام، وأن له في ذلك فعلا غلب به، وليس كذلك، فإن سيدنا موسى أوجس في نفسه خيفة لما رأى حبالهم، وعصيهم وخيل إليه من سحرهم أنها تسعى.
وانظر إلى قوله في الآية الكريمة: {فَوَقَعَ الْحَقُّ} ، فإن بالغ في الحسن [1] البقرة: 4. [2] الأعراف: 118-120.
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 177