نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 184
المرثى، وإنما يكون ذلك في غيره مما للنفس به مزيد تعلق، والرثاء باب العاطفة المشبوبة، وهي تتخذ التكرار وسيلة من وسائل الهدهدة النفسية، وإفراغ التوتر الشديد، وهو من أهم الوسائل الناجعة في هذا الباب؛ لأنه يهيئ الشعر للشدو الحزين والدندنة الشاجية، انظر إلى قول متمم: "من الطويل"
وقالوا: أتبكي كل قبر رأيته ... لقبر ثوى بين اللوى فالدكادك
فقلت لهم: إن الأسى يبعث الأسى ... دعوني فهذا كله قبر مالك
ترى كلمة القبر تشيع بتكرارها جو الأسى والحنين البائس، ويجد الشاعر في تكرارها راحة تخلد إليها نفسه؛ لأنه دار مقامة لأخيه.
وهكذا كل شيء له فضل تعلق بالقلب تجد له فضل تعلق باللسان، ويدخل في هذا ذكر الكأس والخمر، وانظر إلى قول عمرو بن كلثوم: "من الوافر".
صددت الكأس عنا أم عمرو ... وكان الكأس مجراها اليمينا
كان من الممكن أن يحذف المسند إليه في الشطر الثاني، ولكن لنفسه بالخمر ولوعا، وكيف وقد جعلها فاتحة غنائه في قصيدته المعلقة، وخالف بذلك سنة الشعراء من الوقوف على الأطلال، ونظنه ملهما لأبي نواس في ثورته على صفة الطلول، وجعله صفاته لابنة الكرم.
وقد يذكر المسند إليه؛ لأن المتكلم يحرص على أن يضيفل إليه الخبر "المسند" في صورة واضحة مؤكدة، انظر إلى قول بان الدمينة يخاطب صاحبته أميمة معارضا لها حين عاتبته بقولها: "من الطويل"
وأنت الذي أخلفتني ما وعدتني ... وأشمت بي من كان فيك يلوم
وأبرزتني للناس ثم تركتني ... لهم غرضا أرمى وأنت سليم
فلو أن قولا يكلم الجسم قد بدا ... بجسمي من قولب الوشاة كلوم
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 184