نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 186
{أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [1].
تجد المسند إليه يتكرر مع كل حكم، وكأن من الممكن أن يرد الكلام على طريق الحذف، ولكنه قصد إلى تقرير هذه الأخبار، وإذاعتها عنهم فهم كفروا بربهم، وهم الأغلال في أعناقهم، وهم أصحاب النار، وكأن هذه الإعادة جعلت كل جملة كأنها مستقلة بنوع من العقوبة الصارمة، وهي ضروب من العذاب يستقل بعضها عن بعض، وفي ذلك نهاية الغضب والوعيد.
واقرأ الآيات قبلها وكيف أشرقت فيها آيات القدرة الباهرة، ثم يعمه هؤلاء ويقولون: {أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} ، وذكر المسند إليه في مثل هذا السياق يكثر جدًّا في كتاب الله ما لم يكثر في غيره، ولو قلنا: إنه من أوضح خصائص أسلوب القرآن لم نعد الحقيقة، وأكثر ما تجده مع اسم الإشارة، وسوف نعرض بعض صوره هناك إن شاء الله.
وليس من الصعب علينا أن ندرك استجابة هذا الأسلوب، أعني ذكر ما تسند إليه الأحداث، والأحكام لكثير من خوالجنا في أحساسيسنا اليومية، فأنت تقول عاتبا على صاحبك ومعددا أخطاءه: أنت فعلت كذا وكذا، فإذا حميت نفسك، وزاد انفعالك بأفاعيله الغائظة لك قلت له: أنت الذي فعل كذا وأنت الذي فعل كذا وأنت الذي، إلى آخره، تحرص على إعادة ذكره مع كل فعل لتبرز إسناد تلك الأفعال إليه، ومثل هذا يكون أيضا في سياق تعديد مآثره، وفي كل سياق تحمي فيه نفسك، وتريد أن تقرر إسناد شيء إلى شيء، والشاعر في مقام المفاخرة حين تسيطر عليه مشاعر الاعتداد والاعتزاز، وتتزاحم في نفسه مآثر قومه لا يكتفي غالبا بذكرها على سبيل عطف الأخبار أو الصفات، وإنما يستأنف مع كل مكرمة جملة جديدة يذكر في صدرها قومه، فيكرر ذلك ولا يمله.
اقرأ قول عمرو بن كثلوم: "من الوافر"
وقد علم القبائل من معد ... إذا قبب بأبطحها بنينا [1] الرعد: 5.
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 186