نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 257
ذكر الرباب وذكرها سقم ... فصبا وليس لمن صبا حلم
وإذا ألم خيالها طرفت ... عيني فماء شئونها سجم
كاللؤلؤ المسجور أغفل في ... سلك النظام فخانه النظم
قال: ذكر الرباب، وهو يريد نفسه بدليل قوله: طرفت عيني، وهذا التفات عند السكاكي، وطريقة الغيبة هنا توهمنا أنه يحكي قصة صب مدله ذهب الوجد بحلمه، فصار أمره في الناس حديثا يروى، والرباب صاحبة المخبل، وهو اسم شعري عرفناه في شعر النابغة الجعدي، وامرئ القيس وابن أبي ربيعة، والأخطل وجميل وبشار وغيرهم، وكان أبو العلاء يعجب بها المطلع، وذكر في رسالة الغفران أن جواري من كواكب الجنة قد لحن هذه الأبيات في مجلس من مجالس الفردوس جمع الأعشى، ولبيدا والنابغة الجعدي، فلا يمر حرف ولا حركة إلا ويوقع مسرة لو عدلت بمسرات أهل العاجلة منذ خلق الله آدم إلى أن طوى ذريته من الأرض لكانت الزائدة على ذلك زيادة اللج المتموج على دمعة الطفل، ولله أنت يا أبا العلاء ما أغزر حليك، وأوفر طرقك التي تسلكها إلى ما تريد، لقد أراد أن يحدثنا عن نغم هذه الأبيات، فساق هذه الصورة الرائعة، وتثبت ما أراده بهذا الخبر الذي لا ينسى.
وقوله: طرفت عيني، عدول عن طريق الغيبة في قوله: ذكر الرباب وصبا إلى طريق التكلم وفيه فضلا عن الإيقاظ، وتجديد نشاط السامع ملاءمة دقيقة هي أن هذا الحديث الذي هو غزارة دمعه، أو طرف عينه إنما هو حدث يحسه هو بنفسه، فحسن أن يعبر عنه بطريق التكلم الذي يدل على معاناته هو، وهذا أفضل من أن يجري مثل هذا الحدث عن شخص يخاطبه أو يخبر عنه.
الصورة السادسة: الانتقال من الغيبة إلى الخطاب
ومنه قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 257