نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 256
لأن سوق السحاب إلى الأرض الميتة، فتحيا ضرب من قمسة الأرزاق، فناسب أن ينقل الإسناد إلى ضمير ذي الجلالة سبحانه، ولهذا أيضا لم يسند إلى الرياح على طريق المجاز كما في الجملة السابقة {فَتُثِيرُ سَحَابًا} ؛ لأن إثارة السحاب ليس في خطورة سوقها، واتجاهها نحو ما يشاء الله من عباده؛ الالتفات مهنا يشير إلى أن الله سبحانه يسوق السحاب بذاته العلية، ويقسمه رحمة ورزقا بيديه، ولا يدع ذلك لأحد من خلقه.
وقد جاء ذلك مفصلا في سورة الأعراف آية 57: {حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى} .
ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ، فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} [1].
جاء الكلام على طريق الغيبة في قصة خلق السموات والأرض، وهي أخبار تروي من الغيب البعيد بيننا وبينها ملايين السنين هي عمر هذه الأرض، ثم انتقل إلى طريق التكلم في قوله: {وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا} ، وكان الالتفات هنا ذا مغزى مهم؛ لأن السماء الدنيا وما فيها من كواكب من أظهر، وأوضح الآيات التي تشير إلى القدرة الخالقة التي يحث القرآن على النظر إليها كثيرًا، الالتفات إذن كأنه لفت إلى الموضع الذي تؤخذ منه العبرة، وتدنو به الحقيقة الدالة من القلوب المعتبرة.
ومنه قوله المخبل السعدي في مطلع مفضليته: "من الكامل" [1] فصلت: 11، 12.
نام کتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني نویسنده : محمد محمد أبو موسى جلد : 1 صفحه : 256