ويعبر بين تلك الأكراس أي الجماعات طاووسٌ من طواويس الجنَّة يروق من رآه حسناً، فيشتهيه أبو عبيدة مصوصاً، فيتكون ذلك في صفحةٍ من الذَّهب. فإذا قضي منه الوطر، انضمَّت عظامه بعضها إلى بعضٍ، ثمَّ تصير طاووساً كما بدأ. فتقول الجماعة: سبحان من يحيى العظام وهي رميم. هذا كما جاء في الكتاب الكريم: " وإذ قال إبراهيم ربِّ أرني كيف تحيي الموتى قال: فخذ أربعةً من الطيَّر فصرهنَّ إليك ثمَّ اجعل على كلِّ جبلٍ منهنّ جزءاً، ثمّ ادعهنَّ يأتينك سعياً، واعلم أنَّ الله عزيزٌ حكيمٌ.
ويقول هو، آنس الله بحياته، لمن حضر: ما موضع يطمئنّ؟ فيقولون: نصبٌ بلام كي. فيقول: هل يجوز غير ذلك؟ فيقولون لا يحضرنا شيءٌ. فيقول: يجوز أن يكون في موضع جزمٍ بلام الأمر، ويكون مخرج الدُّعاء، كما يقال: يا ربِّ أغفر لي، ولتغفر لي. وأمّا قوله الحكاية عن عازار: قال أعلم أنَّ الله على كلُّ شيء قديرٌ فقد قُرِىَء برفع الميم وسكونها، فالرفع على الخبر، والسكون على أنَّه أمرٌ من الله، جلَّ سلطانه. وأجاز أبو عليٍّ الفارسيُّ أن يكون أعلم مخاطبةً من عازر لنفسه، لأن مثل هذا معروفٌ. يقول القائل، وهو يعني نفسه: ويحك ما فعلت وما صنعت! ومنه قول الحادرة الذُّبيانيّ:
بكرت سميَّة غدوة فتمتَّع، ... وغدت غدوَّ مفارق لم يربع
وتمرُّ إوزَّةٌ مثل البختية، فيتمنَّاها بعض القوم شواءً، فتتمثَّل على خوانٍ من الزُّمردُّ، فإذا قضيت منها الحاجة، عادت، بإذن الله إلى هيئة ذوات الجناح، ويختارها بعض الحاضرين كردناجاً، وبعضهم معمولةً بسمّاقٍ، وبعضهم معمولةً