نضيضةٌ من المطر أي قليلٌ، والتخفيف أحبُّ إليَّ، وإنما حملهم على التشديد كراهة الزَّحاف، وليس عندنا بمكروه.
فيقول: لا برح منطقياً بالحكم: فأخبرني عن كلمتك الصاديِّة والضاديّة والنُّونيّة التي أوَّلها:
لمن طللٌ أبصرته فشجاني ... كخطِّ زبورٍ في عسيب يمان
لقد جئت فيها بأشياء ينكرها السَّمع، كقولك:
فإن أمس مكروباً فيا ربَّ غارة ... شهدت على أقبِّ رخو اللَّبان
وكذلك قولك في الكلمة الصَّادية:
على نقنقٍ هيقٍ له ولعرسه
بمنقطع الوعساء بيضٌ رصيص وقولك:
فأسقي به أختي ضعيفة، إذ نأت،
وإذ بعد المزداد غير القريض في أشباه لذلك، هل كانت غرائزكم لا تحسُّ بهذه الزِّيادة؟ أم كنتم مطبوعين على إتيان مغامض الكلام وأنتم عالمون بما يقع فيه؟ كما أنَّه لا ريب أنَّ زهيراً كان يعرف مكان الزِّحاف في قوله:
يطلب شأو امرأين قدِّما حسباً ... نالا الملوك، وبذَّا هذه السُّوقا
فإنَّ الغرائز تحسُّ بهذه المواضع، فتبارك الله أحسن الخالقين.
فيقول امرؤ القيس: أدركنا الأوّلين من العرب لا يحفلون بمجيء ذلك، ولا أدري ما شجن عنه، فأمَّا أنا وطبقتي فكنَّا نمرُّ في البيت حتى نأتي إلى آخره، فإذا فني أو قارب تبيَّن أمره للسامع.
فيقول، ثبَّت الله تعالى الإحسان عليه: أخبرني عن قولك:
ألا ربَّ يومٍ منهنَّ صالحٍ ... ولا سيما يومٌ بدارة جلجل
أتنشده: لك منهنَّ صالحٍ فتزاحف الكفِّ؟ أم تنشده على الرواية الأخرى؟