أَرِقْتُ وَلَمْ يأرَق لِمَا بِيَ نَافعُ ... وهاجَ لي الشوقَ الهموم الرَّوادع1
ولَمَّا جنه الليل رأى برقًا فقال:
أرقت لبرق بليل أهَلْ ... يضيء سناه بأعلى الجبل2
أتاني حديث فكذبته ... بأمر تزعزع منه القلل3
بقتل بني أسد رَبَّهم ... ألا كل شيء سواه جلل4
فأين ربيعة عن ربها ... وأين تميم، وأين الخول5
ألا يحضرون لدى بابه ... كما يحضرون، إذا ما استهل6
1 الروادع، الواحدة رادعة، من ردعه عن الشيء: زجره ورده عنه.
2 أهل: تلألأ.
3 القلل: الواحدة قلة: قمة الجبل.
4 جلل: أي صغير حقير.
5 أي: أين ربيعة تدافع عن سيدها، وأين تميم، وأين العبيد والإماء.
6 استهل: تلألأ وجهه فرحًا. تأهبه للأخذ بالثأر:
ثم أخذ يُعِدُّ العدد ويجهز الأسلحة لمحاربة بني أسد. فبلغ بني أسد ما يعدُّه فأوفدوا عليه رجالًا من قبائلهم كهولًا وشبانًا، فيهم المهاجر بن خداش ابن عم عبيد بن الأبرص وقبيصة بن نعيم، وكان في بني أسد مقيمًا، وكان ذا بصيرة بمواقع الأمور وِردًا وإصدارًا، يعرف ذلك له من كان محيطًا بأكناف بلده من العرب. فلما علم امرؤ القيس بمكانهم أمر بإنزالهم وتقدم بإكرامهم والإفضال عليهم واحتجب عنهم ثلاثًا. فسألوا من حضرهم من رجال كندة. فقال: هو في شغل بإخراج ما في خزائن أبيه حجر من السلاح والعدة.
فقالوا: اللهم غفرًا. إنما قدمنا في أمر نتناسى به ذكر ما سلف، ونستدرك به ما فرط فليبلغ ذلك عنا.
فخرج عليهم في قباء[7]، وخفّ وعمامة سوداء، وكانت العرب لا تعتم بالسواد [7] القباء: ثوب يلبس فوق الثياب، وهو ما نسميه القنباز.