نبهان من طيئ فأطرد لهم طريدة، وهو شيخ كبير فجعل يرتجز وهو يطردها ويقول:
آثار ظُلمانٍ بقاع مُجدِبِ
قال: وكان وزر بن جابر النبهاني في فتوة فرماه وقال: خذها وأنا ابن سلمى، فقطع مطاه، فتحامل بالرميّة حتى أتى أهله وهو مجروح. ومن أخبار وفاته أنه غزا طيئًا مع قومه فانهزمت عبس فخرّ عن فرسه ولم يقدر من الكبر أن يعود فيركب فدخل دغلًا وأبصره ربيئة طيئ فنزل إليه وهاب أن يأخذه أسيرًا فرماه وقتله، ويزعمون أن الذي قتله يلقب بالأسد الرهيص وهو القائل:
أنا الأسد الرهيص قتلت عمْرًا ... وعنترة الفوارس قد قتلتُ
8- شعره:
البطولة الحربية ووصف المعارك هي أبرز الموضوعات التي تطرق إليها الشاعر في قصائده المختلفة فحاول أن يرسم لنا في قصائده صورة كاملة عن الفارس الشجاع الذي يخوض ساحات القتال وميدان الأبطال. ومن خلال صورة المقاتل الشجاع يستطيع عنترة أن يؤكد فكرة حريته وجدارته بهذه الحرية وبالتالي جدارته بحب ابنة عمه عبلة. ويحاول أن يربط بين فكرة البطولة وفكرة الحب.
وإذا كانت المعارك عند عنترة تنتهي بموت الخصم فإن فكرة الموت ظلت ماثلة أمام عيني عنترة حين قال: "إني امرؤ سأموت إن لم أقتل". ولا ينسى عنترة أن يصف في شعره عدة البطولة من خيل ورماح وسيوف ودروع. فالفارس البطل هو الذي يعنى بالسلاح وآلة الحرب وهو المقدام الذي لا يتراجع مهما كانت العقبات:
لَمّا رَأَيْتُ القَوْمَ أَقْبَلَ جمعهم ... يتذامرون كررتُ غير مذمّمِ
والفارس الشجاع والمغوار لا يداخله الخوف ولا يصيبه الوجل، والشجاعة تدفع صاحبها إلى عدم التفكير في المخاطر وتفرض عليه عدم التبصّر بالعواقب:
وإذا حملت على الكريهة لم أقل ... بعد الكريهة ليتني لم أفعل
إلى جانب شجاعته حاول عنترة أن يظهر متحلّيًا بكل الأخلاق الحميدة