إذا جالت الخيل في مأزق ... تُدافعُ فيه المنايا النفوسا
أتقيمون أم تنصرفون؟ قالوا: بل ننصرف بأسوأ الاختيار، وأبلى الاجترار[1]، لمكروه وأذية وحرب وبلية، ثم نهضوا عنه وقبيصة يقول متمثلاً:
لعلك أن تستوخم الموت، إن غدت ... كتائبنا في مأزق الموت، تمطر2
فقال امرؤ القيس: لا والله لا استوخمه، فرويدًا ينكشف لك دجاها عن فرسان كندة وكتائب حمير، ولقد كان ذكر غير هذا أولى بي إذ كنت نازلًا بربعي، ولكنك قلت، فأجبت.
فقال قبيصة: ما نتوقع فوق قدر المعاتبة والإعتاب.
قال امرؤ القيس: فهو ذاك. [1] الاجترار، من اجتر الشيء: جره.
2 تستوخم الموت: تجده وخيمًا.
إيقاعه ببني أسد:
ثم ارتحل امرؤ القيس حتى نزل بكرًا وتغلب، وعليهم إخوته شُرحبيل وسلَمة، فسألهم النصر على بني أسد. ثُمَّ بعث عليهم فنذروا بالعيون[3]، ولجئوا إلى بني كنانة وكان الذي أنذرهم بهم علباء بن الحارث. فلما كان الليل قال لهم علباء: يا معشر بني أسد تعلمون والله أن عيون امرئ القيس قد أتتكم ورجعت إليه بخبركم، فارحلوا بليل ولا تعلموا بني كنانة ففعلوا.
وأقبل امرؤ القيس بمن معه من بكر وتغلب، حتى انتهى إلى بني كنانة، وهو يحسبهم بني أسد، فوضع السلاح فيهم وقال: يا لثارات الملك! يا لثارات الهمام! فخرجت إليه عجوز من بني كنانة فقالت: أبيت اللعن لسنا لك بثأر، نحن من كنانة فدونك ثأرك، فاطلبهم فإن القوم قد ساروا بالأمس.
فتبع بني أسد ففاتوه ليلتهم فقال في ذلك: [3] نذروا بالعيون: علموا بالجواسيس، فحذروهم واستعدوا.