ليشبه جناحيه، وشرط العبد لسواد الظليم، وعبيد العرب السودان، ذو العشيرة: موضع، ثم رجع إلى وصف ناقته فقال:
28-
شَرِبتْ بِمَاءِ الدُّحْرُضَيْنِ فأصْبَحَتْ ... زَوْرَاءَ تَنفِرُ عَنْ حِياضِ الدَّيلمِ
الزَّوَر: الميل، والفعل زَوِرَ يَزْوَرُّ، والنعت أزور، والأنثى زوراء، والجمع زور. مياه الديلم: مياه معروفة، وقيل: العرب تسمي الأعداء ديلمًا؛ لأن الديلم صنف من أعدائها.
يقول: شربت هذه الناقة من مياه هذا الموضع، فأصبحت مائلة نافرة عن مياه الأعداء. والباء في قوله بماء الدحرضين زائدة عن البصريين كزيادتها في قوله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق: 14] وقول الشاعر: [البسيط] :
هن الحرائر لا ربّات أخمرةٍ ... سود المحاجر لا يقرأنَ بالسُّوَرِ
أي لا يقرأن السور، والكوفيون يجعلونها بمعنى من، وكذلك الباء في قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّه} [الإنسان: 6] قد اختلف فيه على هذا الوجه.
29-
وَكَأَنَّمَا تَنْأَى بِجَانِبِ دَفّها الـ ... وَحْشِيّ من هَزِجِ العشيّ مُؤوَّمِ
الدَّفُّ: الجنب. الجانب الوحشي: اليمين، وسمي وحشيًّا لأنه لا يركب من ذلك الجانب ولا ينزل. الهزج: الصوت والفعل هزج يهزج، والنعت هَزِجٌ. المؤوَّم: القبيح الرأس العظيمة، قوله: من هزج العشي، أي من خوف هزج العشي، فحذف المضاف، والباء في قوله بجانب دفها للتعدية.
يقول: كأن هذه الناقة تبعد وتنحي الجانب الأيمن منها من خوف هِرٍّ عظيم الرأس قبيحه، وجعله هزج العشي لأنهم إذا تعشوا فإنه يصيح على هذا الطعام ليطعم، يصف هذه الناقة بالنشاط في السير وأنها لا تستقيم في سيرها نشاطًا ومرحًا، فكأنها تنحي جانبها الأيمن خوف خدش سِنَّور إياه، وقيل: بل أراد أنها تنحيه وتبعده مخافة الضَّرب بالسوط فكأنها تخاف خدش سِنَّور جانبها الأيمن.
30-
هِرّ جَنيب كُلَّمَا عَطَفَتْ لَهُ ... غَضْبَى اتّقَاهَا باليَديَنِ وبالفَمِ
هِرّ: بدل من هزج العشي. جنيب أي مجنوب إليها أي مقود. اتّقاها أي استقبلها.