يقول: تتنحى وتتباعد من خوف سنور كلما انصرفت الناقة غضبى لتعقره استقبلها الْهِرّ بالخدش بيده والعض بفمه، يقول: كلما أمالت رأسها إليه زادها خدشًا وعضًا.
31-
بَرَكَتْ عَلَى جَنْبِ الرّدَاعِ كَأَنَّمَا ... بَرَكَتْ عَلَى قَصَبٍ أجشّ مُهضَّمِ
رداع: موضع. أجش: له صوت. مهضم أي مكسَّر.
يقول: كأنما بركت هذه الناقة وقت بروكها على جنب الرّداع على قصب مكسر له صوت، شبه أنينها من كلالها بصوت القصب المكسر عند بروكها عليه، وقيل: بل شبه صوت تكسر الطين اليابس الذي نضب عنه الماء بصوت تكسّر القصب.
32-
وكأنَّ رُبًّا أَوْ كُحَيْلًا مُعْقَدًا ... حَشَّ الوَقُودُ بهِ جَوانبَ قُمقُمِ
الربّ: الطلاء. الكحيل: الطقران. عقد الدواء: أغليته حتى خثَر. حشّ النّار يحشها حشًا: أوقدها. الوقود: الحطب، والوُقود بضم الواو: الإيقاد، شبه العرق السائل من رأسها وعنقها برُبٍّ أو قطران جعل في قمقم أوقدت عليه النار، فهو يترشح به عند الغليان، وعرق الإبل أسود لذلك شبهه بهما، وشبّه رأسها بالقمقم في الصلابة؛ وتقدير البيت: وكأنها ربًّا أو كحيلًا حُشّ الوقود بإغلائه في جوانب قمقم عرقها الذي يترشح منها.
33-
يَنْباعُ من ذِفْرَى غضُوبٍ جَسْرَةٍ ... زَيّافَةٍ مِثْلَ الفَنيقِ الْمُكْدَمِ
أراد ينبع فأشبع الفتحة لإقامة الوزن فتولدت من إشباعها ألف، ومثله قول إبراهيم بن هرمة: [البسيط] :
من حوثما سلكوا أدنو فأنظور
أراد فأنظر فأشبعت الضمة فتولدت من إشباعها واو، ومثله قولنا: آمين والأصل أمين، فأشبعت الفتحة فتولدت من إشباعها ألف، يدلك عليه أنه ليس في كلام العرب اسم جاء على فاعيل، وهذه اللفظة عربية بالإجماع، ومنهم من جعله ينفعل من البوع وهو طيّ المسافة. الذِّفرى: ما خلف الأذن. الجسرة: الناقة الموثقة الخلق. الزيف: التبختر والفعل زاف يزيف. الفنيق: الفحل من الإبل.
يقول: ينبع هذا العرق من خلف أذن ناقة غضوب موثقة الخلق شديدة التبختر في