كان تحرير المعنى: زعم الأراقم أن كل من يرضى بقتل كليب وائل بنو أعمامنا وأنَّا أصحاب ولائهم تلحقنا جرائرهم، وإن فسر بالحمار كان المعنى: أنهم زعموا أن كل من صاد حُمُرَ الوحش موالينا، أي ألزموا العامة جناية الخاصة، وإن فسر بالوتد كان المعنى: زعموا أن كل من ضرب الخيام وطنَّبها بأوتادها موالينا، أي ألزموا العرب جناية بعضنا، وإن فسر بالقذى كان المعنى: زعموا أن كل من ضرب القذى ليتنحي فيصفوا الماء موالينا، وإن فسر بالجبل المعيّن كان المعنى: زعموا أن كل من صار إلى هذا الجبل موالٍ لنا. وتفسير آخر البيت في جميع الأقوال على نمط واحد.
19-
أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عِشَاءً فَلَمّا ... أَصْبَحُوا أَصْبَحَتْ لَهُمْ ضَوضَاءُ
الضوضاء: الجلبة والصياح. إجماع الأمر: عقد القلب وتوطين النفس عليه. يقول: أطبقوا على أمرهم من قتلنا وجدالنا عشاء، فلما أصبحوا جلبوا وصاحوا.
20-
مِنْ مُنَادٍ وَمِنْ مُجِيبٍ وَمِنْ تَصْـ ... ـهَالِ خَيْلٍ خِلَال ذَاكَ رُغَاءُ
التصهال كالصهيل، وتفعال لا يكون إلا مصدرًا، وتِفعال لا يكون إلا اسْمًا. يقول: اختلطت أصوات الداعين والمجيبين والخيل والإبل، يريد بذلك تجمعهم وتأهبهم.
21-
أَيّهَا النّاطِقُ الْمُرَقِّشُ[1] عَنَّا ... عِنْدَ عَمْرٍو وَهَلْ لِذَاكَ بَقَاءُ
يقول: أيها الناطق عند الملك الذي يبلّغ عنا الملك ما يريبه ويشككه في محبتنا إياه ودخولنا تحت طاعته وانقيادنا لحبل سياسته، هل لذلك التبليغ بقاء؟ وهذا استفهام معناه النفي، أي لا بقاء لذلك؛ لأن الملك يبحث عنه فيعلم أن ذلك من الأكاذيب المخترعة والأباطيل المبتدعة؛ وتحرير المعنى: أنه يقول: أيها المضرب[2] بيننا وبين الملك بتبليغك إياه عنا ما يكرهه لا بقاء لما أنت عليه لأن بحث الملك عنه يعرفه أنه كذب بحت محض. [1] المرقش: مبلغ النميمة. [2] المضرب: المفسد.