والمنطق العقلي، وفي عمق التحليل وتحليل الحركات النفسية، أما أسلوبه فقد كان خطابيًّا، كأن كل قصيدة من قصائده أعدت لتلقى على جماعة، التركيب فيها متين والألفاظ صلبة خشنة كثيرة الغريب تخلو من الغموض الفني لماديّتها وأخذها بالطبيعية وبعدها عن الرمز والتكلف.
والمعلقات هي أشهر ما وصل إلينا من الشعر الجاهلي، وأطولها نفسًا وأبعدها أثرًا، اختلف الدارسون في سبب تسميتها، قيل: إنها سميت معلقات لأنها كتبت بماء الذهب وعلقت على أستار الكعبة، فسميت بذلك المعلقات أو المذهبات، وأنكر بعضهم تعليقها على جدران البيت الحرام، وزعم أن حَمّادًا الراوية هو الذي جمع القصائد السبع الطوال وقال للناس: هذه هي المشهورات، فأخذها عنه من جاء بعده. وقال آخرون: إنها سميت بذلك لأنها من القصائد المستجادة التي كانت تعلق في خزائن الملوك، وقيل: بل لكونها جديرة بأن تعلق في الأذهان لجمالها، وقيل: لأنها كالأسماط التي تُعلَّق في الأعناق، والراجح اليوم أنها سميت بالمعلقات لتشبيهها بالسموط، أي العقود التي تُعلَّق بالأعناق، وقد سميت أيضًا بالمذهبات لأنها جديرة أن تكتب بماء الذهب لنفاستها.
واختلف أيضًا في عددها، فالبعض قال: إنها سبعة، والبعض قال: إنها عشرة.
ومهما يكن من أمر تسميتها فقد لقيت المعلقات عند الأدباء واللغويين القدامى والمعاصرين اهتمامًا بالغًا، فكثر شراحها وحفاظها لأهميتها وجودتها.
والمعلقات السبع هي سبع قصائد:
الأولى: لامرئ القيس، وأولها: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل.
الثانية: لطرفة بن العبد، وأولها: لخولة أطلال ببرقة ثهمد.
الثالثة: لزهير بن أبي سلمى، وأولها: أمن أم أوفى دمنة لم تكلم.
الرابعة: للبيد بن ربيعة، وأولها: عفت الديار محلها فمقامها.
الخامسة: لعمرو بن كلثوم، وأولها: ألا هبي بصحنك فاصبحينا.
السادسة: لعنترة بن شداد، وأولها: هل غادر الشعراء من متردم.