نام کتاب : شرح ديوان المتنبي نویسنده : الواحدي جلد : 1 صفحه : 139
ما شيد الله من مجد لسالفهم ... إلا ونحن نراه فيهم الآنا
يعني أنهم حماة المجد حاموا على شرف آبائهم وأحسابهم فلم يهدموه ولم يضيعوه حتى بقي فيهم.
إن كوتبوا أو لقوا أو حوربوا وجدوا ... في الخط واللفظ والهيجاء فرسانا
هذا تفصيل ما اجمله في البيت الذي قبله يعين أنهم كتاب فضلاء شجعان كآبائهم فهم فرسان الكتابة والبلاغة والحرب وليس يريد بقوله لقوا ملاقاة الأقران في القتال لأنه ذكر الحرب بعده إنما يريد ملاقاة الأقران في الخطابة والمكالمة وقد فسر في المصراع الثاني.
كأن ألسنهم في النطق قد جعلت ... على رماحهم في الطعن خرصانا
الخرصان جمع خرصٍ وهو حلقة السنان ويريد بها الأسنة هاهنا يريد أن أسنتهم ماضية نافذة فكأنها السنهم في النطق وهذا منقول من قول البحتري، وإذا تالق في الندى كلامه المصقولخلت لسانه من عضبه.
كأنهم يردون الموت من ظمإٍ ... أو نشقون من الخطى ريحانا
أي لحرصهم على الموت وسهولة أمر الحرب عليهم صار الموت عندهم كالماء للظمآن وصارت الرماح كالريحان الذي يشم.
الكائنين لمن أبغى عداوته ... أعدى العدى ولمن آخيت إخوانا
نصب الكائنين على المدح كأنه قال أعني الكائنين فهو مثل قول البحتري، أخ لي لا يدني الذي أنا مبعدٌ، لشيء ولا يرضى الذي أنا ساخطه.
خلائق لو حواها الزنج لانقلبوا ... ظمى الشفاه جعاد الشعر غرانا
يريد بالخلائق الخلق جمع الخلقة وهي الخلق وليس يريد السجايا لأن السجايا الحسان قد تكون في الصور القبيحة والزنج لا يجتمع فيهم بياض الوجه مع جعودة الشعر ودقة الشفاه لن شفاههم غليظة وهم سود الألوان ومعنى ظمى الشفاه دقاق الشفاه كأنها لم ترتو فتغلظ والمعنى لو أن خلقهم للزنج لحسنوا مع جعودة شعورهم فكانوا احسن خلق الله تعالى هذا معنى قد ذكرناه إلا أن الخليقة بمعنى الخلقة لا تصح وإذا حملنا الخلائق على السجايا فسد معنى البيت لأن الخلقة لا تتغير بالسجية.
وأنفس يلمعيات تحبهم ... لها اضطراراً ولو أقصوك شنآنا
اليلمعي والألمعي الحاد الفطنة يقول لهم أنفس زكية وتحبهم لأجل أنفسهم ضرورة ولو أبعدوك بغضا لك يعني أن من عادوه يحبهم لما فيهم من الفطانة فحبهم ضرورة
الواضحين أبواتٍ وأجبنةً ... ووالداتٍ وألباناً وأذهانا
يريد بالأبوات الآباء يعني أن آباءهم معروفون وأنسابهم ظاهرة ويقال فلان واضح الجبين إذا كان حسن المنظر بهيا كما قال ابن غنمة، كأن جبينه سيف صقيل،
يا صائد الجحفل المرهوب جانبه ... إن الليوث تصيد الناس أحدانا
أحدان جمع واحد وأصله وحدان يقول أنت تصيد الجيش كله والليث يصيد واحداً فواحداً
وواهباً كل وقتس وقتُ نائلهِ ... وإنما يهب الوهاب أحيانا
أنت الذي سبك الأموال مكرمةً ... ثم اتخذت لها السؤال خزانا
سبك الأموال إي جمعها وصفاها واستخلصها ثم أتخذ السؤال خزانا مكرمةً أي سلمها إليهم كما يسلم المال إلى الخازن وهو من قول البحتري، جمل من لهى يشككن في القوم أهم مجتدوه أو خزانه،
عليك منك إذا أخليت مرتقب ... لم تأت في السر ما لم تأت إعلانا
أخليت وجدت خاليا ويروى خليت أي صادفت مكانا خاليا أي كانك رقيب نفسك فلست تفعل في الخلا ما لا تفعله في الملا كما قال، والواحد الحالتين السر والعلن،
لا أستزيدك فيما فيك من كرمٍ ... أنا الذي نام إن نبهت يقظانا
يقول أن استزيدك كرما كنت كمن نبه يقظان واليقظان لا ينبه كذالك أنت لا تستزاد كرما.
فإن مثلك باهيت الكرام به ... ورد سخطا على الأيام رضوانا
أي بمثلك أباهي الكرام وارضى به عن الأيام والمعنى أنك ترد الساخط على الأيام راضيا بإحسانك وانعامك.
وأنت أبعدهم ذكرا وأكبرهم ... قدراً وأرفعهم في المجد بنيانا
قد شرف الله أرضاً أنت ساكنها ... وشرف الناس إذ سواك إنسانا
نام کتاب : شرح ديوان المتنبي نویسنده : الواحدي جلد : 1 صفحه : 139