نام کتاب : شرح ديوان المتنبي نویسنده : الواحدي جلد : 1 صفحه : 203
قال ابن جنى أي كل أحد يطلب معاليك إلا أنه لا يدركها هذا كلامه وليس من معنى البيت في شيء ولكنه يقول هو يفعل ما لم يفعله أحد لصعوبته على من طلبه فهو أتى به بكرا ويكون أبا عذرة ذلك الفعل وهذا معنى قول ابن فورجة أراد أنك تفعل افعالا مبتكرةً تجتنب لشدتها وتقول أقوالا لم تعرف فلم تقل فإذا كانت لم تعرف لم تترك لأنه إنما يترك ما يعرف موضعه أو ما يملك هذا كلامه ولم يصب في تفسير المصارع الثاني وليس المعنى ما ذكره والمعنى أنه يقول ما لم يقله أحد في بلاغته وجزالته ولم يترك أيضا لأن كل بليغ يريد أن يأتي بمثله فهو يقصده ويتكلفه ولا يقدر عليه.
والباعث الجيش قد غالت عجاجته ... ضوء النهار فصار الظهر كالطفل
أي يبعث إلى أعدائه الجيش الذي يهلك غباره ضوء النهار ويغلبه حتى يصير الظهر كوقت الطفل لاستتار عين الشمس بغبار جيشه.
الجو أضيق ما لاقاه ساطعها ... ومقلة الشمس فيه أحيرُ المقلِ
يقولا لجو على سعة أرجائه أضيق شيء لقيه ساطع هذه العجاجة وعين الشمس على شدة لمعانها احير المقل في هذه العجاجة وهذا على سبيل المبالغة.
ينال أبعد منها وهي ناظرةٌ ... فما تقابله إلا على وجلِ
يقول ينال سيف الدولة أبعد من الشمس وهي ترى ذلك فما تقابله إلا على خوف من أن ينالها لو قصدها لأنها ترى أنه مظفر يدرك ما يقصده.
قد عرض السيف دون النازلات به ... وظاهر الحزم بين النفس والغيلِ
أي قد جعل السيف عارضا بينه وبين نوائب الدهر يدفعها عن نفسه وجعل حزمه كالدرع بينه وبين الغوائل أي تحصن بحزمه كما يتحصن بالدرع يقال ظاهر بين ثوبين إذا لبس أحدهما فوق الآخر أي جعل حزمه كالدرع الواقية له يريد أنه لبس الحزم فوق الدرع فجعله بين النفس والغيل وهي جمع غيلة اسم من الاغتيال يقال قتل فلان غيلةً أي اغتيالا.
ووكل الظن بالأسرار فانكشفت ... له ضمائر أهل السهل والجبلِ
أي اطلع بظنه على السرار حتى ظهرت له ضمائر الناس كلهم يعني أنه يصيب بظنه.
هو الشجاع يعد البخل من جبنٍ ... وهو الجواد يعد الجبن من بخلِ
قال ابن جنى أي يتجنب البخل كما يتجنب الشجاع الجبن ويتجنب الجبن كما يتجنب الكريم البخل أي قد جمع الشجاعة والكرم قال العروضي فيما أملاه عليّ ليس كما ذهب إليه ولكنه يقول الشجاع يعدّ البخل جبنا لأن البخل معناه خوف الفقر والخوف جبنٌ وحقيقته البخل يقول الشجاع يعد البخل فإذا هو شجاع غير بخيل وجوادٌ غير جبان وهذا مأخوذ من قول أبي تمام، وإذا رأيت أبا يزيدٍ في وغى، وندًى ومبدىً غارةً ومعيداً، يقري مرجيه حشاشة مالهِ، وشبا الأسنة ثغرةٌ ووريدا، أيقنت أن من السماحِ شجاعةً، تدمى وإن من الشجاعة جودا، وقد بين مسلم أن الشجاعة جودٌ بالنفس في قوله، يجود بالنفس إن ضن الجواد بها، والجود بالنفس أقصى غاية الجود،
يعود من كل فتحٍ غير مفتخرٍ ... وقد أغذ إليه غير محتفلِ
يقول كثرت فتوحه فتوالت فهو لا يفتخر بها وإذا سار إلى بلدٍ يفتحه سار غير مبالٍ لثقته بقوته وشجاعته.
ولا يجير عليه الدهر بغيته ... ولا تحصن درع مهجةَ البطلِ
أجار عليه منعه مما يطلبه ومنه قوله تعالى وهو يجير ولا يجار عليه أي لا يمنع مما يريده ويقول الدهر لا يمنعه مطلوبه ولا يجير عليه شيئا طلبه وكذلك الدرع لا تحصن عنه مهجة البطل.
إذا خلعت على عرضٍ له حللاً ... وجدتها منه في أبهى من الحللِ
يقول إذا مدحته تزين مدحي به أكثر مما يتزين هو بمدحي هذا معنى البيت ولكنه جعل لهذا المعنى مثلا فقال إذا البست عرضه حللا وجدت تلك الحلل من عرض الممدوح في شيء أحسن من الحلل أي أن عرضه أحسن من الحلل وهذا من قول أبي تمام، ولم أمدحك تفخيما بشعري، ولكني مدحت بك المديحا، قال ابن جنى ورأيت في نسخة صالحة بدل خلعت جعلت وهو وجيهٌ.
بذي الغباوةِ من إنشادها ضررٌ ... كما تضر رياح الوردِ بالجعلِ
يقول الجاهل يتضرر بشعري إذا أنشد لأنه لا يعرفه ويغيظه ذلك فيظهر عليه من أثر الغيظ والجهل وما يظهر على الجعل إذا أصابه ريح الورد فإنه يغشى عليه إذا جعل تحت الورد شبه شعره بالورد وحاسده بالجعل.
لقد رأت كل عينٍ منك مالئها ... وجربت خير سيفٍ خيرة الدولِ
نام کتاب : شرح ديوان المتنبي نویسنده : الواحدي جلد : 1 صفحه : 203