نام کتاب : شرح ديوان المتنبي نویسنده : الواحدي جلد : 1 صفحه : 229
يقول هؤلاء الذين تركهم سيف الدولة وأسلمهم هم لكم فاصنعوا بهم ما شئتم خانوا الأمير بالانصراف عنه أي فجازاهم بأن اسلمهم لكم ثم ذكر ما صنعوا فقال:
وجدتموهم نياما في دمائكم ... كأن قتلاكم إياهم فجعوا
في دمائكم أي في ماء قتلاكم وذلك أنهم تخللوا القتلى فتلطخوا بدمائهم والقوا أنفسهم بينهم تشبها بهم خوفا من الروم يقول كأنهم كانوا مفجوعين بقتلاكم فهم فيما بينهم يتوجعون لهم.
ضعفي تعف الأعادي عن مثالهم ... من الأعادي وإن هموا بهم نزعوا
يقول هم ضعاف يمتنع الأعداء من معارضتهم لضعفهم يعني أن هؤلاء الذين فعلوا ذلك خساس عسكر سيف الدولة أن هموا بعدوهم لم يعارضهم عدوهم بخستهم وضعفهم وقد حقق هذا فيما بعد فقال:
لا تحسبوا من أسرتم كان ذا رمقٍ ... فليس يأكل إلا الميتة الضبعُ
هلا على عقب الوادي وقد صعدت ... أسد تمرُّ فرادى ليس تجتمعُ
العقب جمع عقبة وفرادى جمع فردان هلا قاتلتم إذ وقفتم هناك وقد صعدت منها رجال يسرعون إلى الحرب أفرادا لا يتوقف بعضهم على بعض لشجاعتهم وثقتهم بقوتهم كما قال العنبري، طاروا إليه زرافاتٍ ووحدنا،
تشقكم بقناها كل سلهبةٍ ... والضرب يأخذ منكم فوق ما يدعُ
قوله تشقكم حكاية ما كان هناك في تلك الحال التي كان يشق أهل الروم كل سلهبةٍ بقناها أي برمحها والخبر وقع عن الخيل والمراد أصحابها لأن اصحاب السلاهب وفرسانها يشقون بالطعن وروى بفتاها أي بفارسها وهو رواية ابن جنى.
وإنما عرض الله الجنود بكم ... لكي يكونوا بلا فسلٍ إذا رجعوا
كل الناس رووا بكم والصحيح في المعنى لكم باللام لأنه يقال عرضت فلانا لكذا فتعرض له ويجوز أن كيون بكم من صلة معنى التعريض لا من لفظه ومعناه إنما ابتلى الله الجنود بكم يعني جنود سيف الدولة يقول إنما خذلهم الله وجعلهم لكم عرضةً ليجردهم من الأوباش الذين قتلتموهم فيعود إليكم في الأبطال وذوي النجدة فلا يكون فيهم فشل ولا دنيٌّ ويجوز عرض بالتخفيف لأن انتفآء الأوباش عنهم يحل محل العرض لكي ينفوا.
فكل غزو إليكم بعد ذا فلهُ ... وكل غازٍ لسيف الدولة التبعُ
يقول بعد هذا كل غزوة يغزوها يكون له لا عليه لن الخساس من جنوده والأوباش قد قتلوا ولم يبق إلا الأبطال وكل غاز تبع له لأنه أمير الغزاة وسيدهم.
تمشي الكرام على آثار غيرهم ... وأنت تخلق ما تأتي وتبتدعُ
يقول أفعالك في الكرم أكبار لم يسبق إليها فأنت مبتدىء في كل مأثرة وغيرك من الكرام يقتدي بمن سبقه.
وهي يشينك وقت كنت فارسهُ ... وكان غيرك فيه العاجز الضرعُ
يقول إذا كنت الفارس الشجاع وغيرك الضعيف العاجز فلا شين عليك من عجز العاجز يريج أن قتلهم وأسرهم ضعاف اصحابك لم يشنك.
من كان فوق محل الشمس موضعه ... فليس يرفعه شيء ولا يضعُ
أي من بلغ النهاية في الرفعة لم يكن وراء النهاية محل يرفع إليه فلا يرتفع بنصرة أحد ولا يتضع بخذلان أحدٍ.
لم يسلم الكر في الأعقاب مهجته ... إن كان أسلمها الأصحابُ والشيعُ
يقول أن افرده أصحابه فإن كره على الأعداء في أواخر الخيل لم يسلمه يعني أنه أمتنع بشجاعة نفسه فدافعت نفسه عن نفسه ويجوز أن يريد بالأعقاب جمع العقب التي هي جمع العقبة.
ليت الملوك على الأقدار معطيةٌ ... فلم يكن لدنيٍّ عندها طمعُ
يقول ليتهم يعطون الشعراء على أقدارهم في الاستحقاق بفضلهم وعلمهم وكان لا يطمع في عطائهم خسيسٌ فهذا تعريض بأنه يسوى مع غيره ممن لم يبلغ درجته في الفضل والعلم.
رضيت منهم بأن زرت الوغى فرأوا ... وأن قرعت حبيك البيضِ فاستمعوا
يقول رضيت ن الشعراء بالنظر إلى قتالك والاستماع إلى قراعك من غير أن يباشروا القتال يعني أنا الذي أباشر القتال معك دون غيري من الشعراء.
لقد أباحك غشا في معاملةٍ ... من كنت منه بغير الصدق تنتفعُ
نام کتاب : شرح ديوان المتنبي نویسنده : الواحدي جلد : 1 صفحه : 229