نام کتاب : شرح ديوان المتنبي نویسنده : الواحدي جلد : 1 صفحه : 288
وأقدر من يهيجه انتصارٌ ... وأحلم من يحلمه اقتدارُ
يقول أنت أقدر من يحركه الإنتصار يعني إذا حركك الإنتقام من عدوك قدرت على ما تطلب فأنت اقدر المنتصرين وأنت أحلم من يحلمه إقتداره على عدوه فصفح وعفا وإذا كان الأحلم كان الأعفى والأصفح عن العدو إذا اقتدر عليه
وما في سطوة الأرباب عيبٌ ... ولا في ذلةِ العبدان عارُ
أي لا يلحقهم عار بسطوتك عليهم لأنك ربهم ولا في تذللهم لك عار لأنهم عبيدك كما قال الآخر، وعيرتني بنو ذبيان رهبته، وهل عليَّ بأن أخشاك من عارِ، وكما قال شمعلة بنا قائد، وإن أمير المؤمنين وفعلهُ، لكا الدهر لا عار بما فعل الدهرُ، وقد قال الطامي، خضعت لصولتك التي هي عندهم، كالموت يأتي ليس فيه عارُ.
وقال يودعه وقد خرج إلى الإقطاع الذي اقطعه إياه
أيا راميا يصمى فؤاد مرامه ... تربى عداه ريشها لسهامه
الاصماء إصابة المقتل في المرمى والمعنى أنه إذا طلب شيئا أصاب خالص ما طلبه كالرامي يصيب فؤاد ما يطلبه برميته وقوله تربى عداه مثل وذلك أن السهام إنما تنفذ بريشها وأعداءه يجمعون الأموال والعدد له لأنه يأخذها فيتقوى بها على قتالهم فكأنهم يربون الريش لسهامه حيث يجمعون المال له فالريش مثل لأموالهم والسهام مثل له
أسير إلى أقطاعه في ثيابه ... على طرفه من داره بحسامه
يريد أن ما يتصرف فيه من ضروب مملوكاته إنما هو من جهته وأنعامه وكان هذا تفصيل ما أجمله النابغة في قوله، وما أغفلت شكرك فانتصحني، وكيف ومن عطائك جل مالي، وقد فصله النابغة أيضا فقال، وإن تلادي إن نظرت وشكتي، ومهري وما ضمت إلى الأنامل، حباؤك والعيش العتاق كأنها، هجان المها تردي عليها الرحائل، وقد قال أبو نواس، وكل خير عندنا من عنده،
وما مطرتنيه من البيض والقنا ... وروم العبدى هاطلات غمامه
الروم جمع رومي كما يقال زنج وزنجي والعبدى العبيد يعني وما أنعم به علي من أنواع نعمة من الأسلحة والعبيد الرومية
فتى يهب الإقليم بالمال والقرى ... ومن فيه من فرسانه وكرامه
ويجعل ما خولته من نواله ... جزاء لما خولته من كلامه
أي يجازيني بنواله إذا مدحته بما استفدت من الأدب من كلامه
فلازالت الشمس التي في سمائه ... مطالعة الشمس التي في لثامه
أي لازالت شمس السماء تطالع وجهه الذي هو كالشمس وأضاف السماء إليه مبالغة في المدح كما قال الفرزدق، لنا قمراها والنجوم الطوالع، وقال أبن جنى أضاف السماء إليه لأشرافها عليه كما قال الآخر، إذا كوكب الحرقاء لاح بسحرة، سهيل أذاعت غزلها في القرائب، أضاف الكوكب إليها لجدها في عملها عند طلوعه
فلازال يجتاز البدور بوجهه ... تعجب من نقصانها وتمامه
جمع البدر لأنه أراد بدر كل شهر أي لازال أكمل منها وأتم حتى تتعجب من نقصانها عند تمامه وقال بحلب يعزيه بأخته الصغرى ويسليه ببقاء الكبرى في شهر رمضان سنة 344
إن يكن صبر ذي الرزية فضلا ... تكن الأفضل الأعز الأجلا
أي كان صبر صاحب المصيبة عما أصيب به فضلا له فأنت الأفضل الأجل لزيادة صبرك على صبر غيرك والمعنى أنت أصبر ذوي الرزايا وأنت أفضلهم
أنت يا فوق أن تعزى عن الأح ... باب فوق الذي يعزيك عقلا
وبألفاظك اهتدى فإذا ع ... زاك قال الذي له قلت قبلا
أي الذي يعزيك منك تعلم ألفاظ التعزية فهو يقول لك في التعزية ما قلته قبل ذلك واستفاده منك فعزاك بما تعلمه منك ونصب قبلا على الظرف وجعله نكرة على حد قولك جئتك أولا وآخرا كما قال، وساغ لي الشراب وكنت قبلا، أكاد أغص بالماء القراح،
قد بلوت الخطوب مرا وحلوا ... وسلكت الزمان حزنا وسهلا
وقتلت الزمان علما فما يغ ... رب قولا ولا يجدد فعلا
أي عرفت الزمان وألوانه وصروفه معرفة تامة فلا يأتي بشيء غريب ولا فعل جديد لم تره ولم تعرفه ومعنى قتلت الزمان علما أي علمت منه كل شيء حتى أذللته بعلمك ولينته لك ومعنى القتل في اللغة إزالة الحركة ومنه يقال شراب مقتول إذا كسرت سورته بالماء