نام کتاب : شرح ديوان المتنبي نویسنده : الواحدي جلد : 1 صفحه : 306
أفسدت بيننا الأماناتِ عينا ... ها وخانت قلوبهن العقولُ
يقول عيناها بسحرهما أفسدتا عليّ أمانة الرسول حتى ترك الأمانة في الرسالة حبا لها وخانت العقول قلوبها أي فارقت العقول القلوبَ سببها وفي قوله قلوبهن ضمير قبل الذكر كما تقول ضرب غلامه زيد ومعنى خيانة العقول أنها لا تصور للقلوب وجوب حفظ الأمانة لأن الرسول إذا نظر إليها غلبه هواها على الأمانة وغلب عقله وهذا كقوله، وما هي إلا لحظة بعد لحظة، إذا نزلت في قلبه رحلَ العقلُ،
تشتكي ما اشتكيت من ألم الشو ... ق إليها والشوق حيث النحولُ
يقول الحبيبة تشكو من الشوق ما أشكو إليها ثم كذبها في تلك الشكوى فقال والشوق حيث النحول يعنيأن للشوق دليلا من النحول فمن لم يكن ناحلا لم يكن مشتاقا
وإذا خامر الهوى قلب صبٍّ ... فعليه لكل عينٍ دليلُ
زودينا من حسن وجهك ما دا ... م فحسن الوجوه حالٌ تحولُ
وصلينا نصلك في هذه الدن ... يا فإن المقام فيها قليلُ
من رآها بعينها شاقه القط ... انُ فيها كما تشوق الحمولُ
يقول من نظر إلى الدنيا بالعين التي ينبغي أن ينظر بها إليها رق للباقين رقته للماضين الفانين وكنى عن الرقة بالشوق لأن الشوق ترقيق القلب والحمول المرتحلون وكأنه أراد ذا الحمول فحذف المضاف والقطان السكان المقيمون
إن تريني أدمت بعد بياضٍ ... فحميد من القناةِ الذبولُ
يقول أن غيرت الأسفار وجهي حتى صرت آدم بعد بياض الوجه فليس ذلك بعيب فيّ كما أن الذبول وإن كان مذموما في غير القناة فإنه محمود فيها لأنه يؤذن بصلابتها كما قال أبو تمام، لانت مهزتة فعزوا إنما، يشتد رأس الرمح حين يلين،
صحبتني على الفلاةِ فتاةٌ ... عادةُ اللونِ عندها التبديلُ
يريد بالفتاة الشمس لأن طلوعها يتجدد فهي بكر كل يوم أو لأن الدهر لا يؤثر فيها والشمس تبدل اللون وتحول البياض إلى السواد
سترتك الحجال غنها ولكن ... بك منها من اللمى تقبيلُ
يقول أنت في كن من الشمس لا يصيبك حرها ولكن بك منها تقبيل لمى في شفتك من السواد كأنها قبلتك فاورثتك اللمى
مثلها أنت لوحتني وأسقم ... ت وزادت أبهاكما العطبولُ
يقول أنت مثل الشمس في أنها غيرت لوني فاسقمتني أنت وزادت تأثيرا في أبهاكما وهي أنت ثم وصفها فقال العطبول وهي التامة الجسم
نحن أدرى وقد سألنا بنجدٍ ... أطويل طريقنا أم يطولُ
هذه رواية ابن جنى يقول أطويل هو في الحقيقة أم يطوله الشوق إلى المقصود يقول كنا أعلم بمقدار الطريق ولكنا سألنا والصحيح رواية غيره أقصير طريقنا أم يطول يقول علمنا قصر الطريق من طوله ولكنا سالنا تعللا بذكر الطريق إليه فإن الإنسان إذا أحب شيئا أكثر السؤال عنه وإن كان يعرفه كما قال بشر بن أبي حازم، أسائل صاحبي ولقد أراني، بصيرا الظعائن حيث صاروا، وكما قال الآخر، وخبرني عن مجلس كنت زينه، بحضرةِ قومس والملاء شهودُ، فقلت له كر الحديث الذي مضى، وذكرك من كر الحديث أريدُ، أناشده إلا أعاد حديثه، كأني بطيء الفهم حين يعيد، وقد أكد هذا المعنى فقال
وكثير من السؤال اشتياقٌ ... وكثير من رده تعليلُ
يقول كثير من السؤال يكون سببه الاشتياق وكثير من رد السؤال يكون تطييبا للسائل يريد أن الذي ملني على السؤال عن الطريق الاشتياق ولن أتعلل بالجواب عن السؤال
لا أقمنا على مكان وإن طا ... ب ولا يمكن المكان الرحيلُ
لا أقمنا معناه لم نقم كقوله تعالى فلا صدق ولا صلى وقال ابن فورجة معناه والله لا أقمنا قال ويجوز أن يكون على الدعاء كما تقول لا يفضض الله فاك يقول لم نقم في الطريق إليه بمكان وإن طاب ذلك المكان ثم قال ولا يمكن المكان أن يرتحل أي لو أمكنه لأرتحل معنا شوقا إليه
كلما رحبت بنا الروض قلنا ... حلب قصدنا وأنت السبيلُ
كلما طاب لنا مكان كأنه يرحب بنا لطيب المقام به قلنا لذلك المكان لا نقيم عندك لن قصدنا حلب وأنت الممر فلا نقيم عندك وإن طاب المكان ثم فسر فيما بعد فقال