نام کتاب : شرح ديوان المتنبي نویسنده : الواحدي جلد : 1 صفحه : 330
يقول إذا نظرت إلى أثر سيفه عند ضربه علمت أن سيفه بكفه يعمل لا كفه بسيفه يعني أن الضربة الشديدة إنما تحصل بقوة الكف لا بجودة السيف وإن السيف الماضي في يد الضعيف لا يعمل شيئا كما قال البحتري، فلا تغلين بالسيف كل غلايةٍ، ليمضي فإن الكف لا السيف يقطع،
تريد عطاياه على التبث كثرةً ... وتلبث أمواه السحاب فتنضب
يقول إذا تأخرت عطاياه فإنها تزاد كثرةً يعني أنه يعطي الجزيل وإن أبطأ والماء إذا طال مكثه نضب على خلاف عطاياه
أبا المسك هل في الكاس فضل أنالهُ ... فإني أغنى منذ حين ونشربُ
هذا تعريض بالاستبطاء وجعل مدحه إياه غناء يقول أنا كالمغنى في اطرابي إياك بالمدائح وأنت كالشارب تلتذ سماع مدحي وتحرمني الشراب فهل في الكاس فضل اشربه يعني هل تعطيني شيئا
وهبت على مقدار كفى زماننا ... ونفسي على مقدار كفيك تطلبُ
يقول وهبت على ما يليق بالزمان وأنا أطلب ما توجبه همتك ويقتضيه كرمك
إذا لم تنط بي ضيعةً أو ولايةً ... فجودك يكسوني وشغلك يسلبُ
يضاحك في ذا العيد كل حبيبهُ ... حذائي وأبكي من أحب وأندبُ
أحن إلى أهلي وأهوى لقاءهم ... وأين من المشتاق عنقاء مغربُ
يقال عنقاء مغربٌ وعنقاء مغربٍ على الوصف والاضافة ومعناه من قولهم اغرب في البلاد وغرب إذا بعد وذهب وهذا الطائر يوصف بالمغرب لبعده من الناس وذهابه حتى لا يرى قط قال الكميت، محاسن من دينٍ ودنيا كأنما، بها حلقت بالأمس عنقاء مغربُ، وقيل مغرب ولم يقولوا بالهاء لأن العنقاء اسم للذكر والأنثى كالدابة والحية ومن أضاف إلى مغرب كان من باب الإضافة إلى النعت كقولهم مسجد الجامع وكتاب الكاملِ يقول أشتاق إلى أهلي ولكنهم على البعد منى واشتياقي إليهم كمن اشتاق إلى العنقاء
فإن لم يكن إلا أبو المسكن أو هم ... فإنك أحلى في فؤادي وأعذبُ
يقول أن لم يجتمع لي لقاؤك ولقاؤهم فإنك أحلى عندي يعني أوثر لقاءك على لقائهم
وكل أمرىءٍ يولي الجميلَ محببٌ ... وكان مكانٍ ينبتُ العز طيبُ
يريد أ، هـ يوليه الجميل فهو يحبه وأنه يعزه وطاب مكانه عنده كما قال البحتري، وأحب آفاق البلاد إلى الفتى، أرض ينال بها كريم المطلب،
يريد بك الحساد ما الله دافعٌ ... وسمر العوالي والحديد المذربُ
يقول حسادك لا ينالون منك ما يطلبونه فإن الله يدفع ما يريدونه والرماحُ والسيوفُ
ودون الذي يبغون ما لو تخلصوا ... إلى الشيب منه عشت والطفلُ أشيبُ
يقول دون الذي يطلب الحساد من زوال ملكك وفساد أمرك الموت وهو قوله ما لو تخلصوا منه أي الموت أي أنهم يموتون قبل أن يروا فيك ما يطلبون ولو لم يموتوا عشت أنت وشاب طفلهم لشدة ما يرون وصعوبة ما يلحقهم من الحسد لك أو لما يقاسون منك ما توقعهم به
إذا طلبوا جدواك أعطوا وحكموا ... وإن طلبوا الفضل الذي فيك خيبوا
أي أن طلبوا عطاءك اعطيتهم ما حكموا به وإن طلبوا ما فيك من الفضل لم يدركوه قال ابن جنى وإن راموا فضلك منعتهم منه قال ابن فورجة كيف يقدر الإنسان أن يمنع آخر من أن يكون في مثل فضله وإنما الله يقدر على ذلك وقد أتى به المتنبي على لفظ ما لم يسم فاعله فأحسن
ولو جاز أن يجوو علاك وهبتها ... ولكن من الأشياء ما ليس يوهبُ
يقول لست تؤتى من بخل فلو كانت العلى موهوبةً لوهبتها وهذا من قول الطائي، فانفح لنا من طيب خيمك نفحةً، إن كانت الأخلاق مما توهب، وأصله من قول جابر ببن حباب، وإن تقتسم ما لي بني ونسوتي، فلن يقسموا خلقي الكريم ولا فضلي،
وأظلم أهل الظلم من بات حاسدا ... لمن بات في نعمائه يتقلبُ
يقول أشد الظلم وأفحشه حسد المنعم عليك فمن بات متقلبا في نعمة إنسانٍ ثم بات حاسدا له فهو أظلم الظالمين والمعنى أن هؤلاء الذين يحسدونك أنت ولي نعمتهم
وأنت الذي ربيت ذا الملك مرضعاً ... وليس له أم سواك ولا أبُ
إنما قال هذا لأن صاحب بمصرَ مولى كافور مات وخلف ولده صغيرا فرباه كاوفر وقام دونه يحفظ الملك عليه
وكنت له ليث العرين لشبلهِ ... وما لك إلا الهندواتي مخلبُ
أي كنت للملك كالليث للشبل ولما جعله ليثا جعل سيفه مخلبا له
نام کتاب : شرح ديوان المتنبي نویسنده : الواحدي جلد : 1 صفحه : 330