نام کتاب : شرح ديوان المتنبي نویسنده : الواحدي جلد : 1 صفحه : 349
يريد بالنبطي السوادي وهو أبو الفضل بن حنزابة وقيل أبو بكر المادرائي النسابة وإنما يتعجب لأنه ليس من العرب وهو يعلم الناس أنساب العرب
وأسود مشفرهُ نصفهُ ... يقال أنه أنت بدر الدجى
وبها أسود عظيم الشفة يثنون عليه بالكذب وهو أنهم يقولون له أنت بدر الدجى والبدر مشتمل على النور والجمال والأسود القبيح لخلقه العظيم الشفة متى يشبه البدر
وشعرٍ مدحت به الكركد ... ن بين القريضِ وبين الرقى
الكركدن يقال هو الحمار الهندي وهو بالفارسية كرك وهو طائر عظيم وروى ثعلب عن ابن الأعرابي الكركدن دابة عظيمة الخلق يقال أنها تحمل الفيل على قرنها وأراد بها الأسود فشبهه بالكركدن لعظم جثته وقلة معناه يقول شعرٌ مدحته به هو شعر من وجهٍ ورقيةٌ من وجهٍ لأني كنت أرقيه به لأخذ ماله يريد أنه كان يستخرج منه ماله بنوع رقية وحيلة
فما كان ذلك مدحاً له ... ولكنه كان هجو الورى
يقول لم يكن لك الشعر مدحا له ولكنه في الحقيقة كان هجاء للخلق كلهم حيث أحوجني إلى مثله وقال ابن جنى أي إذا كانت طباعه تنافي طباع الناس كلهم سفالا ثم مدح فذلك هجو لهم لأن فيه إرغاما لهم ومدحا لمن ينافي طباعهم
وقد ضل قوم بأصنامهم ... وأما بزقِّ رياحٍ فلا
يقول الكفار قد ضلوا بأصنامهم وأحبوها فعبدوها من دون الله سفها وضلةً فأما أن يضل أحد بخلقٍ يشبه زق ريح فلم أر ذلك يعني أنه بانتفاح خلقته كزق ريح وليس فيه ما يوجب الضلال به حتى يطاع ويملك وإنما هذا تعجب ممن يطيعه وينقاد له
وتلك صموتٌ وذا ناطقٌ ... إذا حركوه فسا أو هذى
ومن جهلت نفسه قدرهُ ... رأى غيره منه ما لا يرى
يقول من أعجب بنفسه ولم يعرف قدر نفسه أعجابا وذهابا في شأنه خفيت عليه عيوبه فاستحسن من نفسه ما يستقبحه غيره وعمي عما يراه غيره من عيوبه وقال يهجو الأسود
وأسود أما القلب منه فضيق ... نخيب وأما بطنه فرحيبُ
يقال للجبان نخيب ومنخوب ونخب وأصله أنه الذي أصيبت نخبة قلبه وهو سويداؤه فهو منخوب القلب أي مصاب بخالص قلبه
يموت به غيظا على الدهر أهلهُ ... كما مات غيظاً فاتك وشبيبُ
يقول أهل الدهر غضاب على الدهر برفعه وتمليكه عليهم فهم يموتون غيظا على الزمان كما مات هذان
أعدت على مخصاه ثم تركتهُ ... يتبعُ مني الشمس وهي تغيبُ
يريد أعدت الخصاء على مخصاه أي خصيته بالهجاء ثانيا ثم انفلت منه فلم يدركني ولم يقدر عليّ كمن يتبع الشمس وهي تغيب فلا يدركها وقد نظر في هذا إلى قول الآخر، وأصبحت من ليلى الغداة كناظرٍ، مع الصبحِ في أعجازِ نجمس مغربِ،
إذا ما عدمت الأصل والعقل والندى ... فما لحيوةٍ في جنابك طيبُ
يقول إذا لم يكن للمرء أصل ولا عقل ولا جود لم تطب لاحد حيوة عنده أو في حيوته والمعنى أن حيوتي إنما لم تطب عند الأسود لأنه عادمٌ لهذه الأشياء ويروي في حيوتك وقال يمدح أبا شجاع فاتك الملقب باالمجنون في سنة 348
لا خيل عندك تهديها ولا مالُ ... فليسعد النطق إن لم يسعد الحالُ
يخاطب نفسه يقول ليس عندك من الخيل والمال ما تهديه إلى الممدوح جزاء له على إحسانه إليك فليسعدك النطق أي فإمدحه وجازه بالثناء عليه إن لم تعنك الحال أي على مجازاته بالمال وهذا من قول يزيد المهلبي، إن يعجز الدهر كفى جزائكمُ، فإنني بالهوى والشكر مجتهدُ، وقول الحطيئة، وإن لم يكن مالٌ يثابُ فإنه، سيأتي ثنائي زيداً ابن مهلهلِ،
وأجز الأمير الذي نعماه فاجئةٌ ... بغير قولٍ ونعمى الناسِ أقوالُ
أي واجزه بالمدح والثناء عليه والشكر له فإن انعامه يأتي فجاءةً من غير تقدم سؤال وانتظار وغيره من الناس اقتصروا على القول دون الفعل وهذا من قول المهلبي، وكم لك نائلا لم أحتسبه، كما يلقى مفاجأة حبيبُ،
وربما جزت الإحسان موليه ... خريدةٌ من عذارى الحيِّ مكسالُ
المكسال من النساء الفاترة القليلة التصرف يقول ربما جازت بالإحسان من أولى الإحسن امرأة عاجزة من كل شيء والمعنى أن لم تعرض المكافاة فعلا فهي معرضةٌ قولا كالمكافاة من هذه المكسال يحث نفسه على الجزاء وترك التقصير فيما يمكن ثم ضرب لهذا مثلا فقال
وإن تكن محكمات الشكل تمنعني ... ظهور جريٍ فلي فيهن تصهالُ
نام کتاب : شرح ديوان المتنبي نویسنده : الواحدي جلد : 1 صفحه : 349