نام کتاب : شرح ديوان المتنبي نویسنده : الواحدي جلد : 1 صفحه : 372
أي وخلق أحق الغيوث بالحمد يعني الممدوح جعله غيثا وجعل الناس كلهم لاحتياجهم إليه جرادا فإن الجراد حياته في الغيث والكلأ وهذا قول ابن جنى وأحسن من هذا واصح أنه جعل الممدوح غيثا لعموم صلاحه وجعل الناس كلهم كالجراد لشيوع فسادهم ولأنهم سبب الفساد يدل على صحة هذا قوله
مثل ما أحدث النبوة في الع ... الم والبعث حين شاع فسادهْ
يقول لما شاع الفساد في العالم بالناس الذين جعلهم كالجراد خلق ابن العميد ليستدرك به ذلك الفساد كما أنه لما عم الكفر والشرك بعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وهذا من قول الفرزدق، بعثت لأهل الدين عدلا ورحمةً، وبرءاً لآثار الجروح الكوالم، كما بعث الله النبي محمداً، على فترةٍ والناس مثل البهائمِ،
زانت الليل غرة القمر الطا ... لعِ فيه لم يشنها سوادهْ
لما ذكر عمومَ الفساد في الناس والزمان ذكر أن ذلك الفساد لا يتعدى إليه وأنه سبب لأصلاحه كالقمر يطلع فيجلو سواد الليل ولا يشينه ذلك السواد
كثر الفكر كيف نهدي كما أه ... دت إلى ربها الرئيسٍ عبادهْ
والذي عندنا من المال والخي ... لِ فمنه هباتهُ وقيادهْ
يقول أكثرت الفكر فيك كيف أهدي إليك شيئا كما يهدي العبيد إلى ربها وكل ما كان عندنا من المال والخيل فمن عندك وهبته وقدته إليّ وهذا من قول ابن الرومي، منك يا جنة النعيم الهدايا، أفنهدي إليك ما منك يهدى،
فبعثنا بأربعين مهاراً ... كل مهرٍ ميدانه إنشادهْ
المهار جمع مهر يقال مهر ومهار وأمهار والكثير مهار يعني أربعين بيتا من الشعر ميدانُ كلِّ بيت إنشاده إي إذا أنشد عرف قدره كما أن المهر إذا أجري في الميدان عرف جريه
عدد عشته يرى الجسم فيه ... أربا لا يراهُ فيما يزادهُ
أي الأربعين عدد عشته دعاء له بأن يعيش هذا العدد من السنين على ما عاشه وكان ابن العميد قد جاوز السبعين وناهز الثمانين في هذا الوقت والمعنى زاد الله في عمرك هذا العدد ثم قال والجسم لا يرى من أرب العيش فيما زاد على الأربعين ما كان يراه فيما دونه أي فلهذا اخترت هذا العدد فجعلت القصيدة أربعين بيتا
فارتبطها فإن قلبا نماها ... مربط تسبق الجياد جيادهْ
لما عبر عن الأبيات بالمهار عبر عن حفظها وإمساكها بالارتباط ليتجانس الكلام وقوله أن قلبا نماها يعني قلب نفسه يقول إن قلبا أنشأ هذه الأبيات وصنعها جياده تسبق جياد كل مربط وعني بالجياد الأبيات أيضا وورد على أبي الطيب كتاب أبي الفتح بن العميد يذكر سروره وشوقه إليه فقال إرتجالا
بكتب الأنام كتاب وردْ ... فدت يد كاتبهِ كل يدْ
يعبر عما له عندنا ... ويذكر من شوقهِ ما نجدْ
أي ذلك الكتاب يعبر عن شوقٍ نجدهُ إليه أي إنا نشتاق إليه كما يشتاق هو إلينا ويذكر من شوقه إلينا ما نجده من الشوق إليه وروى ابن جنى لنا عنده
فأخرق رائيه ما رأى ... وأبرق ناقده ما انتقدْ
يقال خرق الظبي إذا فزع وتحير وكذلك خرق الرجل وأخرقه وبرق إذا تحير فشخص بصره وأبرقه غيره يقول الذي رأى هذا الكتاب حيره من رآه من حسن الخط والذي انتقد لفظه أبرقه ما انتقده من حسنه
إذا سمع الناس ألفاظه ... خلقن له في القلوب الحسدْ
أي ألفاظه تحدث له الحسد في القلوب فتحسده قلوبُ السامعين على حسن لفظه
فقلت وقد فرس الناطقين ... كذا يفعل الأسدُ ابن الأسدْ
جعل أحرازه خصل الفصاحة دون غيره من الناس كالفرس أي أنه وصل من الاستيلاء عليهم إلى مثل ما يصل إليه الأسد إذا فرس فريسته ولما وصفه بالفرس جعله أسدا في باقي البيت لأن الفرس من أفعال الأسد ولو خرس المتنبي ولم يصف كتاب أبي الفتح بن العميد بما وصف لكان خيرا له وكأنه لم يسمع قط وصف كلامس وأي موضعٍ للأخراق والأبراق والفرس في وصف الألفاظ والكتب هلا احتذى على مثل قول البحتري في قوله يصف كلام ابن الزيات، في نظام من البلاغة ما شك امرؤ أنه نظام فريد، وكلام كأنه الزهر الضاحك في رونق الربيع الجديد، مشرق في جوانب السمع ما يخلفه عوده على المستعيدِ، ومعانٍ لو فصلتها القوافي، هجنت شعر جرولٍ ولبيد، حزن مستعمل الكلام اختياراً، وتجنبن ظلمة التعقيد، أو هلا ربع على ظلعه فلم يكن معورا تبدو مقاتلهُ
نام کتاب : شرح ديوان المتنبي نویسنده : الواحدي جلد : 1 صفحه : 372